كانت الفتنة البربرية التي تحدثت عنها في كتاب سابق، حقيقة يمكن الحدس بوقعها، لدى من كان يرى ببصيرته عوامل الانفصال والتجزؤ كامنة تحت سطح الظاهر الموحد الذي سعى المنصور ابن أبي عامر ليحفظ به حين ذهب يستكثر من الجنسيات المختلفة في الجيش. وكان انقسام تلك الجنسيات، واستقلال الزعماء البارزين في كل منها مرهونا بزوال الحاكم القدير، ولذلك ما كادت شئون الدولة بعد المصور تقع في حوزة حجاب ضعفاء وخليفة مسلوب الإرادة حتى اشرأبت الأعناق إلى الفتنة، وتباينت أهواء العناصر التي لم يدركها النماذج والأنصار، وعمت الفوضى بلاد الأندلس، وأخفقت كل المحاولات التي بذلها المخلصون الحادبون على وحدة البلاد ورسم الخلافة؟ أخفقت في إعادة الأموية، وأنقسم الثغر الذي كان في حاجة شديدة إلى رابطة جامعة، في ولايات، وكان أصحاب تلك الولايات يمثلون العناصر القوية في الجيش اعني الموالي