إن من قال من المتأخرين بجواز إخراج القيمة ربطها بالضرورة أو بما هو أنفع للفقير ورسول الله صلى الله عليه وسلم أدرى بما ينفع الناس في دينهم ودنياهم لأن الشارع لم يشرع لزمن معين حيث إن الإسلام قابل للتطبيق في كل زمان ومكان.
لم يكن سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذكر الدينار ولا الدرهم إلا لحكمة أرادها، وهو الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فلم يذكرهما في زكاة الفطر مع وجودهما في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم تذكر في أي أثر من الآثار أو أي حديث مهما كانت درجته، مع أن زكاة الفطر فرضت في وقت مبكر من تأسيس الدولة الإسلامية ـ في السنة الثانية للهجرة ـ وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدنيا ستفتح على المسلمين بكل خيراتها بما في ذلك الذهب والفضة ... الخ.
إن المتتبع لسيرة المصطفى يجد أن أصحابه كانوا حريصين على ذكر كل ما يفعله صلى الله عليه وسلم سواء كان على سبيل التشريع أم أي عمل بصفته الإنسانية، فكانوا متتبعين لكل حركاته وسكناته فلم يذكر شئ عن إخراج القيمة في الزكاة.
وبعد التأمل في أدلة الفريقين وما سبق قوله في الردود، تبين لنا رجحان ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن زكاة الفطر صاع من طعام كما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز غير ذلك إلا للضرورة، وتعديل مدين من بر، وهو نصف صاع، بصاع من شعير وقع بعد النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء ذلك في حديث أبي سعيد، وهذا الحديث يعتبر من أهم أدلة المجوزين إخراج زكاة الفطر قيمة.