للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ففي أيام الأمير عبد الله كان إبراهيم بن حجاج شخصية واسعة النفوذ باشبيلية حتى حاول الاستقلال عن الدولة، وأصبحت تلك المدينة تنافس قرطبة في اجتذاب الشعراء إليها، فقصدوه من كل وجه، وكان منهم ابن عبد ربه والقلفاط، ولكنا لا نعرف شيئا عن شعراء من اشبيلية نفسها. وفي تلك الأيام أيضاً ذلك النشاط الواضح للشعر في الصراع بين المولدين والعرب بمنطقة البيرة. وفي جبل شمنتان (سمنتان في المغرب) أقام عبيد الله بن أمية بن الشالية (الشمالية في المغرب) إمارة مستقلة أيام الأمير عبد الله أيضاً، وكان عبيديس بن محمد الشاعر مكثرا من مدحه واصفا لمبانيه ومغازيه ومن ذلك قصيدته التي هنأه فيها ببعض الفتوح وأولها (١) :

جاء البشير بما عم السرور به ... عن الأمير أبي مروان في السفر قال ابن حيان في ذكر ابن الشالية: له أفضال على الشعراء والأدباء فلهم فيه مديح سائر وكان من أحمدهم لانتجاعه وأنطقهم بشكره عبيديس ابن محمود الشاعر، وشعره فيه كثير مستحسن (٢) . وكان عبيديس في أول أمره من جملة كتاب القصر بقرطبة وفي اول عهده كان مداحا للأمير عبد الله نفسه ثم هاجر إلى جوار ابن الشالية وفارقه حين أحسن بتغيره عليه ولجأ إلى ابن حفصون (٣) وله انتجاع إلى سعيد بن جودي أمير العرب ومدائح فيه (٤) .

ذلك هو الأمر من حيث الرقعة المكانية. أما من حيث الزمن فيمكن أن نقسم شعراء هذا العصر في أربع طبقات (مع السماح بشيء من التداخل والمشاركة) :

الطبقة الأولى: قدامى الشعراء من الذين عاشوا في عصر الولاة وأوائل


(١) المقتبس: ١٠ وانظر ترجمة عيديس في المغرب ٢: ٦٩ والجذوة: ٢٧٨، والبغية رقم: ١١٣٥، والمقتبس في صفحات متفرقة، والحلة، الورقة: ١١٥.
(٢) المقتبس: ٩.
(٣) انظر المقتبس: ٤٥، والمغرب ٢: ٦٩.
(٤) المقتبس: ١٢٥.

<<  <   >  >>