للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدولة الأموية، ونميز من بينهم ثلاثة من المشهورين هم: جعونة بن الصمة أبو الأجرب الكلابي (١) ، شاعر فارس من العرب الطارئين على الأندلس كان يرحل ويحل بأكناف قرطبة وشعره بدوي الطابع ومن نماذجه قوله:

ولقد أراني من هواي بمنزل ... عال، ورأسي ذو غدائر أفرع

والعيش أغيد ساقط أفنانه ... والماء طيبه لنا والمرتع وكان أولا يهجو الصميل، فلما ظفر به الصميل عفا عنه، فأصبح مداحا له. وأقسم ممدوحه على نفسه ألا يراه إلا أعطاه ما حضره فكان أبو الأجرب يعتمد إغباب لقائه وكان لا يزوره لذلك الا في العيدين. وتوفي قبل حلول الدولة الأموية.

وثانيهم أبو المخشي (٢) عاصم بن زيد، وهو أيضاً طارئ غريب من العباد، وهم نصارى الحيرة، ولذلك كان الشعراء يعيرونه بالنصرانية في هجائهم له. وقد أدرك الدولة الأموية ومدح سليمان بن عبد الرحمن الداخل فظن هشام بن عبد الرحمن انه يعرض به في بعض شعره فعاقبه عقابا شديدا، قيل انه قطع لسانه، والأصح انه سمل عينيه، ودليل ذلك انه يذكر العمى في شعره. وقد دفع له الأمير عبد الرحمن دية عينيه مضاعفة وأجازه بألفي دينار وعنف ابنه على فعلته، وعطف عليه هشام نفسه ودفع له دية أخرى مضاعفة. اما شعره في العمى فهو قوله:

خضعت أم بناتي للعدا ... أن قضى الله قضاء فمضى

ورأت أعمى ضريرا إنما ... مشيه في الأرض لمس بالعصا

فاستكانت ثم قالت قولة ... - وهي حرى - بلغت مني المدى

ففؤادي قرح من قولها: ... ما من الأدواء داء كالعمى وشعره من النسق البدوي ومن نماذجه الواضحة قوله:

وهم ضافني في جوف يم ... كلا موجيهما عندي كبير


(١) ترجمة في الجذوة: ١٧٧ والمغرب ١: ١٣١ ورسالة ابن حزم.
(٢) ترجمة في المغرب ٢: ١٢٣ والجذوة: ٣٧٧ وابن القوطية: ٣٥.

<<  <   >  >>