للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فبتنا والقلوب معلقات ... وأجنحة الرياح بنا تطير وقد مات أبو المخشي أيام الحكم به هشام وآخر شعره قوله:

أم بنيات الضعيف حويلها ... تعول امرءا مثلي وكان يعولها

إذا ذكرت ما حال بيني وبينها ... بكت تستقيل الدهر مالا يقيلها وثالث هؤلاء هو غربيب الطليطلي (١) وكان ذا حكمة ودهاء مشهورا بالفضل والخير ولذلك أسند إليه أهل طليطلة أمرهم، وكانوا ذوي أشر وطغيان واستخفاف بالعمال، فلم يكن الأمير الحكم يطمح فيهم وغربيب بينهم، حتى إذا مات أرسل إليهم فأوقع بهم، وكان الناس يتداولون من شعر غربيب هذه الأبيات:

يهددني بمخلوق ضعيف ... يهاب من المنية ما أهاب

وليس إليه محيا ذي حياة ... وليس إليه مهلك من يصاب

له أجل ولي أجل وكل ... سيبلغ حيث يبلغه الكتاب وواضح من هذه الأبيات لم وصف غربيب بالفضل والخير يومئذ.

الطبقة الثانية: شعراء عهد الأمارة (٢٠٠ - ٣٠٠) وأكثرهم من شعراء المؤدبين مثل عباس بن ناصح والقلفاط وعبيديس الكاتب ومؤمن بن سعيد. ومنهم من يقع الشعر لديه موقعا ثانويا كابن الشمر المنجم وعباس بن فرناس التاكرني (- ٢٧٤) وكان متفلسفا منجما صاحب نيرنجات واختراعات كمحاولته الطيران واتخاذه الزجاج من الحجارة وفك الموسيقى والعروض (٢) . ومع ان يحيى الغزال كان " عرافا " أيضاً فان الشعر أبرز أدواته، وهو أعلى من هؤلاء مرتبة. وقد أثبتنا له والمؤمن بن سعيد والقلفاط ترجمات في هذا الكتاب متخذين من هؤلاء الثلاثة ممثلين لعهد الأمارة. وفي هذه الفترة أيضاً تميز ابن عبد ربه وأدرك عصر الخلافة.

وقد عد ابن حيان في المقتبس الشعراء الذين كانوا في عصر الأمير


(١) ترجمة في الجذوة: ٣٠٧، وابن القوطية: ٤٦.
(٢) انظر المغرب ١: ٣٣٣ والجذوة: ٣٠٠.

<<  <   >  >>