للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجوده، وفي رحلته هذه لقي أبا تمام وروى عنه شعره، وعاد إلى الأندلس بعد ذلك يقرئ شعر أبي تمام ويدرس الأحداث بجامع قرطبة (١) ، وعلى مقربة منه مجلس القاضي، ولذلك كان مؤمن عارفا بما يجري من أمور في مجلس القضاء فكان كثير العبث بالقضاء وقد مرت بنا مداعبته للقاضي قبعة عمرو بن عبد الله وتعريضه به وإضحاك الناس بذلك (٢) ، وكان لهذا القاضي ابن يدعى أبا عمرو كثرت فيه القالة ونسب إلى اختيان بعض المال المستودع فهجاه مؤمن ومدح أباه (٣) فلما بلغت الأبيات سمع الأمير محمد قال: قد أكثر الناس في عمرو وفي ولده وعزل الأب عن القضاء (٤) .

وكان مؤمن لا يدع موقع نادرة أبدا حتى مع الطالب الذين يقرأون عليه. سأله مرة أحدهم بعد ان قرأ بيت أبي تمام:

أرض خلعت اللهو خلعي خاتمي ... فيها وطلقت السرور ثلاثا من سرور هذه أصلحك الله؟ فقال مؤمن: هي امرأة حبيب وقد رأيتها ببغداد (٥) . وكانت تعليقاته تشيع بين الناس فيرددونها فتكون سببا لتنكر الناس له وحقدهم عليه وتربصهم به. قبل له مرة: مالك لا تسامر الوزير حامدا (الزجالي) حسبما نراك تفعله مع الوزراء من اصحابه مع قديم اتصالك به فقال: ذاك جنازة غريب لا يصحبها من صحبها إلا الله. فبلغت كلمته حامدا فحقدها عليه. وبعد أيام ذهب مؤمن يشيعه وهو ذاهب من قصر السلطان إلى داره فلما اراد مؤمن الانصراف قال له حامد: أعظم الله أجرك أبا مروان وكتب خطاك


(١) قضاة قرطبة: ١٠٤
(٢) قضاة قرطبة: ١٠٥
(٣) قضاة قرطبة: ١٢١ وابن القوطية: ٧٢
(٤) قضاة قرطبة: ١٢١
(٥) المغرب١: ١٣٢.

<<  <   >  >>