للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(وهو دعاء يقال لمن يشيع الموتى) (١) ، هذا كله مع سابق صحبه ومسامرة، حتى ان مؤمنا كان من مداحي حامد ولما ولي الكتابة مدحه بقصيدة مطلعها (٢) :

أي الأمور برأي حامد ... لم تنتظم نظم القلائد واذا كان حامد قد اكتفى بمعاتبته على هذا النحو فان غيره لم تكن تهدأ ثائرته الا بالانتقام. وكانت نقطة التحول في حياة مؤمن حين فسد ما بينه وبين القائد هاشم بن عزيز. ففي سنة ٢٦٢هـ توجه هاشم في غزو في ناحية ابن مروان الجلقي الثائر ببطليموس، وتقدم مبعدا عن معظم عسكره في فئة قليلة فأخذت عليه المضايق وقتل جماعة من اصحابه ووقع هو في الأسر (٣) فشمت به مؤمن وتوجه بعواطفه صوب عمر بن عم هاشم وعدوه وقال يخاطبه في قصيدة صنعها سرا:

تصبح أبا حفص على أسر هاشم ... ثلاث زجاجات وخمس رواطم

وبح بالذي قد كنت تخفيه خفية ... فقد قطع الرحمن دولة هاشم وصنع على وزن هذه القصيدة قصيدة أخرى يمدح بها هاشما لكي يظهر البرئ من الشماتة به.

وفي سنة ٢٦٤ خلص هاشم من الأسر، وبلغته شماتة مؤمن وتغيرت عليه نفسه فأخذ يكيد له عند الأمير محمد. ومن السهل إيقاع شخص مثل مؤمن منطلق اللسان لا يحتفظ في اقواله. ويبدو أن هاشما نجح في سعايته، وكان من ذلك ان ألقي مؤمن في السجن، فأخذ يرسل القصائد والرسائل المطولات من حبسه إلى هاشم لعله يعطف عليه، وتشفع لديه بجده محمد بن جهور فما أفاده ذلك شيئا، فلما يئس من عطفه اخذ يهجوه بالمقذعات (٤) .


(١) المغرب ١: ٣٣١
(٢) ابن القوطية: ٨٥
(٣) ابن عذاري: ١٥٤
(٤) المغرب ١: ١٣٣

<<  <   >  >>