للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولبث مؤمن في سجنه حتى عام ٢٦٧. ثم أن أهل السجن ذات يوم كسروا السجن وفروا منه، وربما كان سبب ذلك مجاعة حدثت حينئذ وتطاول فيها المفسدون وكثرت السرقات والتعديات (١) ، وأبى مؤمن أن يفر حين سمع أن هاشما قدم لمعاينة السجن ظنا منه ان ذلك قد يرقق قلبه عليه، ولما دخل هاشم قام إليه مؤمن واستعطفه فلم يلتفت إليه بل أوصى السجان أن يوصد عليه، فأدركه كمد ويأس لم يمهلاه اكثر من ستة أيام، وتوفي ليلة الثلاثاء لأربع خلون من رجب سنة ٢٦٧ (٢) .

شعره

قال فيه ابن حيان: انه فحل شعراء قرطبة، ولقبه الحجازي " دعبل الأندلس " لأنه تميز في الهجاء حتى كان يهاجي ثمانية عشر شاعرا ويتفوق عليهم، وممن كان يهاجيه ديك تيس الجن احمد بن محمد الكتاني (الجياني) (٣) والعتبي المختص بمدح الأمير القاسم بن محمد (٤) وعباس بن فرناس، وكان مؤمن يتندر عليه في محاولته الطيران ويقول:

يطم على العنقاء في طيرانها ... إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم وصنع عباس في بيته هيئة السماء وخيل للناظر فيها النجوم والغيوم والبروق فهجاه مؤمن عابثا. وكان أيضاً يتعقبه في شعره فلما أنشد قول عباس في مدح الأمير محمد:

رأيت أمير المؤمنين محمدا ... وفي وجهه بذر المحبة يثمر قال له مؤمن: قبحا لما ارتكبته، جعلت وجه الخليفه محرثا يثمر فيه البذر، فخجل عباس وسبه (٥) .


(١) قضاة قرطبة: ١٥١
(٢) المغرب ١: ١٣٣
(٣) المغرب ٢: ١٥٨
(٤) المغرب ١: ١٣٤
(٥) النفح ٢: ٨٧٣

<<  <   >  >>