للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وغزله رقيق سهل الانسياب، من ذلك قوله:

يا غزالا عن لي فابتز قلبي ثم ولى ...

أنت مني بفؤادي ... يا منى نفسي أولى وقد أشد أحد الأندلسيين قصيدته هذه لأحد البغداديين فأعجب بها وفضلها على ما سمعه من شعر ابن عبد ربه وقال: " هذا الشعر بختمه، لا ما أنشدتني به آنفا " (١) . وأورد له الثعالبي في اليتيمة قطعتين في الغزل لعلهما من قصيدة واحدة، والأولى منهما (٢) :

طوى عني مودته غزال ... طوى قلبي على الأحزان طيا

إذا ما قلت يسلاه فؤادي ... تجدد حبه فازددت غيا

أحييه وأفديه بنفسي ... وذاك الوجه أهل أن يحيا والثانية:

أيا طيفا سما وهفا إلينا ... لقد جددت لوعاتي عليا

ألم مواصلا كأخي غرام ... سيذكر وصله ما دام حيا

غزال لو رأى غيلان يوما ... محاسنه إذن أنساه ميا وذكره أبو عامر بن مسلمة في كتاب " الارتياح بوصف الراح " ونقل عنه الحميدي له شعرا في الرياض:

مزن تغنيه الصبا فإذا همى ... لبت حياه روضة غناء

فالأرض من ذاك الحيا موشية ... والروض من تلك السماء سماء

ما ان وشت كفا صناع ما وشى ... ذاك الغناء بها وذاك الماء

زهر لها مقل جواحظ تارة ... ترنو، وتارات لها إغضاء وشعره في الغزل رقيق حقا، وفيه من الحيوية والحرارة ما يفقد في هذه المقطوعة التي يصف فيها الروض. على انه بعد ذلك أنموذج فذ للشاعر الأندلسي الهجاء، المثقف بثقافة لغوية نحوية، البعيد بعض الشيء عن حياة البلاط، الملابس لحياة الناس في قرطبة.


(١) طبقات الزبيدي: ٣٠٢
(٢) اليتيمة١: ٣٩٥

<<  <   >  >>