للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وممن تولع بهم وآذاهم بهجائه أبو زيد الأديب (١) .

ومن كل هذا يتجلى لنا أن الإسراع إلى الهجاء والذم كان طبعا متأصلا في القلفاط لا ينفك عنه.

وكان القلفاط من حيث مظهره وسخ الثياب رذل الهيئة.

وكان يجمع إلى قدرته في الشعر، قدرة فائقة في اللغة، ولم يكن أحد يقارن الحكيم؟ صديقه - في علمه وثقابة ذهنه في نظره غيره، ولذلك عد القلفاط في النحويين، وأورد له الزبيدي قصيدة جمع فيها بعض المسائل والأحاجي النحوية (٢) ، ويبدو انه لم يؤلف في النحو وإنما اكتفى بالإقراء والتدريس، وقد دلل الزبيدي على اطلاعه اللغوي بحديث رواه أحدهم " لا يسجي المسلم في عرض أخيه " فاعترضه آخر وقال " لا يسحي المسلم.. " بمعنى يقشر، فلما عرضت الكلمة على القلفاط قال: بل صوابها " لا يشحي " أي يفتح فاه بسبه من قولهم: " شحا الحمار فاه بالنهيق " (٣) ، وكان محمد ابن يحيى في النفر الذين جمعهم عبد الرحمن الناصر لانتساخ شعر أبي تمام وترتيبه (٤) .

شعره

قال الزبيدي في القلفاط: كان شاعرا مجودا مطبوعا، وكان يقصد فيطيل ويحسن، وعده ابن حيان من شعراء المعلمين (٥) ولكن لم يصلنا من شعره قصيدة واحدة بطولها، حتى هجاؤه الذي كان سيفا مسلولا في وجوه الناس بقرطبة لا نعرف منه إلا أبياتا. على أن غلبة الهجاء عليه لم تحرمه من المشاركة في موضوعات شعرية أخرى، وبخاصة الغزل،


(١) التكملة: ٣٣٢
(٢) طبقات الزبيدي: ٣٠٤
(٣) طبقات الزبيدي: ٣٠٢
(٤) طبقات الزبيدي: ٣٠٦
(٥) المقتبس: ٤٨

<<  <   >  >>