للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والرسائل. وأما المتأخرون فأنا نقول انهم مبعدون عن البلاغة ومقربون من الصلف والتزيد، حاشا الحاتمي وبديع الزمان، فهما مائلان إلى طريقة سهل بن هارون ".

ويقول في الشعر:

" الشعر ينقسم ثلاثة أقسام: صناعة وطبع وبراعة. فالصناعة هي التأليف الجامع للاستعارة بالأشياء والتحليق على المعاني والكتابة عنها، ورب هذا الباب من المتقدمين زهير بن أبي سلمى ومن المحدثين حبيب ابن أوس. والطبع هو ما لم يقع فيه تكلف وكان لفظه عاميا لا فضل فيه عن معناه حتى لو اردت التعبير عن ذلك المعنى بمنثور لم تأت بأسهل ولا أوجز من ذلك اللفظ. ورب هذا الباب من المتقدمين جرير ومن المحدثين الحسن (بن هانئ) ، والبراعة هي التصرف في دقيق المعاني وبعيدها، والإكثار فيما لا عهد للناس بالقول فيه، وإصابة التشبيه وتحسين المعنى اللطيف، ورب هذا الباب من المتقدمين امرؤ القيس ومن المتأخرين علي بن عباس الرومي؟ ومن أراد التمهر في أقسام الشعر ومختاره وافانين التصرف في محاسنه، فلينظر في كتاب قدامة بن جعفر في نقد الشعر، وفي كتب أبي علي الحاتمي " (١) .

وهذه الاحكام على ما فيها من بساطة وإيجاز لا تخلو من نظرات نقدية دقيقة، فان التفرقة بين بلاغة الجاحظ والحسن والاهتداء إلى السر في ذلك، واشتقاق أسلوب ثالث من اجتماعهما مما لا يدركه إلا الناقد البصير، ومن المدهش أيضاً الجمع بين امرئ القيس وابن الرومي، وإغفال المتنبي من الأقسام الثلاثة.

ولابن حزم رأي أيضاً في اتفاق الشعراء في المعنى الواحد اتفاقا لفظيا، قال:

" والذي شاهدناه اتفاق شاعرين في نصف بيت، شاهدناه ذلك


(١) التقريب: ٢٠٤ - ٢٠٨

<<  <   >  >>