للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حزم الشاب المترف شخصية جديدة، قوية جبارة، تمزج القوة بالمرارة، وإذا هو يولد من جديد، ليفني ملكاته المدهشة في خدمة مجتمعه، بعد ان كان هشا في عهد الشباب يعيش لنفسه. ان حياة ابن حزم صورة للإرادة التي لا تعرف التردد والضعف، وصورة لليقظة النفسية التي أثارتها الفتنة.

اختلف الباحثون المحدثون في نسبه: فذهب دوزي وجولد تسيهر إلى القول بان جده أو والد جده لم يكن عربيا ولم يولد مسلما، وإنما اعتنق الإسلام، ومثل هذا الرأي يعتمد على إشارة لابن حيان قال فيها " فقد عهده الناس خامل الأبوة، مولد الأرومة، من عجم لبلة، جده الأدنى حديث عهد بالإسلام " (١) ، أما تلميذه الحميدي فيقول أن اصله من الفرس وجده الأقصى في الإسلام اسمه يزيد مولى ليزيد بن أبي سفيان (٢) وقد رددت اكثر المصادر هذا الرأي، وسخر معاصره ابن حيان من هذه الدعوى، وذهب إلى أن والده احمد بن سعيد مؤسس مجد يغنيه عن النسب والسابقة " ولم يكن إلا كلا ولا حتى تخطى علي هذا رابية لبلة، فارتقى قلعة اصخر من ارض فارس، فالله أعلم كيف ترقاها، إذ لم يكن يؤتى من خطل ولا جهالة " (٣) . وقد ذكر ابن حزم نفسه نسبته إلى الفرس، وافتخر بها في إحدى قصائده كما افتخر بولائه لبني أمية، فقال (٤) :

سما بي ساسان ودارا وبعدهم ... قريش العلى أعياصها والعنابس

فما أخرت حرب مراتب سؤددي ... ولا قعدت بي عن ذرى المجد فارس وكلا النسبين لا يدعيان النسبة إلى العرب، ولكن الفرق بينهما ان الثاني يمنح ابن حزم عددا كثيرا من الأدباء المسلمين ويعل لأسرته جذورا


(١) الذخيرة ١/١: ١٤٢
(٢) الجذوة: ٢٩٠
(٣) الذخيرة ١/١: ١٤٢ - ١٤٣
(٤) انظر الملحق من ديوان ابن حزم.

<<  <   >  >>