راسخة في الإسلام، أما الأول فيقصر علاقته بالإسلام على جده الأدنى، أو والد جده؟ على الأكثر -. وقد مال لهذا الرأي عدد من الباحثين لأنه يصل ابن حزم بالمسيحية أو بالأسبانية عموما، رغبة منهم في ان يدرسوه على ضوء الوراثة القريبة، ولكني أميل إلى ترجيح النسبة الفارسية، لأن اتهام ابن حزم في نسبه الفارسي إنما صدر عن رجل ميال للذم والثلب، هو ابن حيان المؤرخ، ولا يبعد أن يكون انعدام السابقة والأولية قبل صعود نجم احمد بن سعيد والد أبي محمد، هو الذي أوحى بهذا الاعتقاد، ثم ان ابن حزم أتقى لله من ان يلفق لنفسه نسبا غير نسبه، وليست وراء هذا التلفيق غاية كبيرة لرجل يرى ان الناس يتفاضلون بأعمالهم لا بأنسابهم. وقد نسب نفسه إلى الولاء، وكان هو وأبوه كلاهما ميالا لبني أمية في عهد العامريين، ولم يكن هذا الميل ليكسب لهم رضى العامريين، ولا بد ان يكون في صدق الولاء القديم ما يدفعهما إلى مثل ذلك، وقد دهش ابن حيان نفسه من هذه الموالاة، كما دهش من ان يكون ابن حزم مدعيا في نفسه، إذ لا يعرف عليه خطل أو جهالة.
وايا كان الأمر فان والد علي ولد بقرية من عمل لبلة تسمى منت لشم ويقول آثن بلاسيوس انها تقابل ما يسمى اليوم كاسا مونتيخا Casa Montija (١) ، ثم هاجر منها إلى قرطبة، ليتثقف، فنال من الثقافة ما أدهش معاصريه، وكان زميلا لابن أبي عامر وبينهما بعض المنافسة، إلا ان هذه المنافسة لم تمنع الحاجب من الاستفادة من مواهب احمد بن سعيد، فاتخذه أول وزير له سنة ٣٨١، " واستخلفه أوقات مغيبه على المملكة، وصير في يده خاتمه، فلما تناهت حاله في الجلالة وأملته الخاصة والعامة اتهمه المنصور بأنه قد زها عليه برأيه وآنس منه عجبا بشأنه. فصرفه عن الوزارة، وأقصاه عن الخدمة، دون ان يغير عليه نعمة. وكان