للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول: والله ان ابن حزم للنصيح جيبا، الأمين غيبا. ولكنه زها برأيه وظن أن سلطاني مضطر إلى تدبيره. فتردد في نكبته. ثم أخرجه لينظر في كور الغرب باسم الإقامة فرئم العزلة وتبرأ من الدالة. فلما زكن المنصور ذلك منه أعاده إلى حسن رأيه فيه وصرفه إلى خطته " (١) .

وكان يجمع إلى سعة العلم قوة في البلاغة، ومما يدل على مذهبه الكتابي قوله في بعض المناسبات: " اني لأعجب ممن يلحن في مخاطبة، أو يجيء بلفظة قلقة في مكاتبة، لأنه ينبغي إذا شك في شيء ان يتركه ويطلب غيره، فالكلام أوسع من هذا " (٢) .

وقد تأثر علي بشخصية والده، وظلت له في نفسه صورة جميلة لم تطمسها الأيام. لأنه فقده وهو في أول شبابه، يوم كان محتاجا إلى رأيه وتوجيهه. ولذلك ظل وفيا لما سمعه من إرشاداته ونصائحه. وظل يذكر قوله له (٣) :

إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن ... على حالة إلا رضيت بدونها وفي مجلس والده تعرف على كثير من الرجال كأبي عمر احمد بن حبرون (٤) وروى عنهم، وأفاد مما كان يسمعه منهم. ومن الوصايا التي أثرت في نفسه وظل يكيف حياته بمقتضاها قولة لابي عبد الله محمد بن إسحاق الزاهد، كان يقولها لأبيه الوزير على سبيل الوعظ وهي: " احرص على ان لا تعمل شيئا إلا بنية فانك تؤخر في جميع أعمالك. فإذا أكلت فانو بذلك التقوى لطاعة الله، وكذلك في نومك وتفرجك وسائر أعمالك، فانك ترى ذلك في ميزان حسناتك " (٥) .


(١) أعتاب الكتاب: ٦٩
(٢) الجذوة: ١١٨، وانظر ترجمته أيضاً في الصلة: ٣٠
(٣) الصلة: ٣١
(٤) الجذوة: ٥٩
(٥) الجذوة: ٤١

<<  <   >  >>