للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي مجلس أبيه كان يسمع إلى الشعراء الذين يمدحون الوزير ويحفظ ما يستجيده من أشعارهم (١) . وقد كان والده أيضاً أحد مصادره الشفوية في التاريخ لأنه كان يقص بعض الأحداث التي شهدها في وزارته للمنصور بن أبي عامر كما ان والده كتب كتابا ضخما في التاريخ أيضا. ولذلك كان ابن حزم؟ عن طريقه - مطلعا على كثير من دقائق الامور التي تجري في بلاط المنصور أو في معاركه (٢) وهذه الثقافة هي التي حببت إليه الاستكثار من الرواية التاريخية. وميزته بالمعرفة الدقيقة للأخبار.

ولكن قبل هذا كله قضى علي فترة طفولته وصباه حتى بلغ حد الشباب بين الجواري. فهن اللواتي علمنه القرآن وروينه كثيرا من الأشعار ودربنه في الخط فلم يجالس الرجال الا وهو في حد الشباب (٣) . وقد جعلته هذه النشأة رقيقا في شبابه، حييا من مجالس الرجال، كما طبعته على سوء الظن بالمرأة لأنه شاهد من أسرار النساء ما لا يكاد يعلمه غيره. وكان همه الوقوف على ما يجري بينهن، والترقيب لما يفعلنه. وأورطته أيضاً نشأته هذه في علاقات عاطفية مبكرة، فأحب في صباه جارية شقراء الشعر. ومنذ ذلك الحين لم يكن يستحسن من النساء الا الشقر، وظل على ذلك طوال حياته. وهذا ما عرض لأبيه نفسه وعلى هذا جرى إلى ان وافاه أجله (٤) . واحب جارية اسمها " نعم "، وتزوجها وهو دون العشرين وكان هو أبا عذرتها. ثم اختطفها الموت منه، فحزن عليها ابلغ الحزن وأعجبه. حتى انه ظل سبعة اشهر كاملة لا يغير ثيابه بعد وفاتها (٥) . وقد حدثنا علي بشيء عن علاقاته


(١) الجذوة: ٢٤٢
(٢) نقط العروس: ٧٧، ٨١، والجذوة: ١١٨
(٣) الطوق: ٥٠
(٤) الطوق: ٢٨
(٥) الطوق: ٩١

<<  <   >  >>