للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحديثة وعلى النظر في الكلام والحديث والفقه أو علم الشريعة جملة، وما وصف ابن حزم هذا كله إلا وهو مطلع عليه وعلى اكثر منه بكثير، وتدل رسالته في فضل الأندلس على تقديره لثقافة أهل بلده، وعلى سعة باعه في معرفة اكثر ما يتصل بأخبار رجالها وتاريخها، ومؤلفاتها وأدبها وشعرها، فقد كان يحفظ كثيرا من شعر ابن عبد ربه وابن دراج وصاعد وابن هذيل والمصحفي والطليق والغزال وكثير غيرهم، وكتاب الجذوة معرض لمعرفة ابن حزم بشئون الأندلس أيضاً، فأكثر ما فيه إنما يرويه الحميدي عن أستاذه، هذا إلى قدرة فائقة في التجريح والتعديل، ومعرفة الأنساب، وكل ذلك يدل على ذاكرة عجيبة وحيوية عقلية فذة.

وقد صدق القاضي صاعد في قوله عنه: " كان ابن حزم اجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار " (١) . وكان جماعا للكتب، جمع منها في علم الحديث والمصنفات والمسندات شيئا كثيرا (٢) . كما كان كثير التقييد لا يدع شيئا يفوته من سماع أو قراءة أو مشاهدة. وبنسبة هذا الاطلاع الواسع كثرت مؤلفاته، حتى بلغ مجموع ما ألفه في الفقه والحديث والأصول والنحل والملل والتأريخ والنسب وكتب الأدب والرد على المعارضين نحو أربعمائة مجلد [بين كتاب ورسالة] تشتمل على قريب من ثمانين الف ورقة (٣) . ومع ان كثيرا من مؤلفاته قد ضاع، فقد بقي قدر صالح منها.

منها في الفقه والأصول: المحلى والأحكام ومراتب الإجماع وحجة الوداع وقسم من كتاب الابطال، ومنها في العقائد والمذاهب: الفصل


(١) نقله المقري في النفح ١: ٣٦٤، أما ما ورد في كتاب صاعد فهو " ولأبي محمد بن حزم بعد هذا نصيب وافر في علم النحو واللغة وقسم صالح من قرض الشعر وصناعة الخطابة " (طبقات الأمم: ٨٧) .
(٢) الجذوة: ٢٩٠
(٣) طبقات الأمم: ٨٧

<<  <   >  >>