للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأدام اعتلاءه، ولا عطل الحامدين من تحليهم بحلاه، ولا أخلى الأيام من تزينها بعلاه، فرأيته اعزه الله تعالى حريصا على ان يجاوب هذا المخاطب وراغبا في ان يبين له قد رآه فنسي، أو بعد عنه فخفي، فتناولت الجواب المذكور، بعد ان بلغني ان ذلك المخاطب قد مات، رحمنا الله تعالى وإياه، فلم يكن لقصده بالجواب معنى، وقد صارت المقابر له مغنى، فلسنا بمسمعين من في القبور، فصرفت عنان الخطاب إليك، إذ من قبلك صرت إلى الكتاب المجاوب عنه، ومن لدنك وصلت إلي الرسالة المعارضة، وفي وصول كتابي على هذه الهيئة حيثما وصل كناية لمن غاب من اخبار تآليف أهل بلدنا، مثلما غاب عن هذا الباحث الاول، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وان كنت في إخباري إياك بما أرسمه في كتابي هذا " كمهد إلى البركان نار الحباحب "، وباني رضوى في مهيع القصد اللاحب، فانك وان كنت المقصود والمواجه فإنما المراد من أهل تلك الناحية، من نأى عنهم علم ما استجلبه السائل الماضي، وما توفيقي إلا بالله سبحانه.

٣ - فأما مآثر بلدنا فقد ألف في ذلك احمد بن محمد الرازي (١) التاريخي كتبا جمة منها كتاب ضخم ذكر فيه مسالك الأندلس ومراسيها وأمهات مدنها وأجنادها الستة (٢) ، وخواص كل بلد منها، وما فيه مما ليس في غيره، وهو كتاب مريح مليح. وأنا اقول لو لم يكن لأندلسنا إلا ما رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر به، ووصف أسرفنا المجاهدين فيه، بصفات الملوك على الأسرة، في الحديث الذي رويناه من طريق أبي حمزة أنس بن مالك ان خالته ام حرام بنت ملحان، زوج أبي الوليد عبادة بن الصامت، رضي الله تعالى عنه وعنهم اجمعين، حدثته عن


(١) الجذوة ٩٦ - ٩٧ وطبقات الزبيدي: ٣٢٧
(٢) لعله يعني الأجناد التي نزلت الأندلس في طالعة بلج القشيري وفرقها أبو الخطار على الكور. انظر النفح ١: ١١٢ والإحاطة ١: ١٠٩

<<  <   >  >>