للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأيوب بن فتح (١) ، ومعهم احمد بن غانم وكان من ابن مسرة وحج معه مرتين (٢) ورافقه أيضاً محمد بن وهب المعروف بابن الصيقل وكان اصغر منه سنا (٣) . ويروى انه اشتغل في الشرق بملاقاة أهل الجدل وأصحاب الكلام والمعتزلة، ثم انصرف إلى الأندلس، فاظهر نسكا وررعا، فاختلف إليه الناس وسمعوا منه وانقسموا فيه فريقين، فريق رآه إماماً في علمه وزهده وفريق طعن عليه ووصف مذهبه بالقبح وسوء المعتقد (٤) .

على أي شيء يقوم مذهب ابن مسرة؟ يبدو من الأخبار القليلة التي تبقت لدينا عنه انه كان يجمع بين بعض مبادئ المتصوفة وبين بعض أصول الاعتزال، فلم يكن معتزليا خالصا ولا باطنيا خالصا، فأما المبادئ الاعتزالية التي يقول بها فهي بالاستطاعة والوعد والوعيد ورؤية الله (٥) . ويقول ابن حزم: أن ابن مسرة شارك المعتزلة في القول بالقدر، وكان يقول ان علم الله وقدرته صفتان محدثتان مخلوقتان وان لله تعالى علمين أحدهما أحدثه جملة وهو علم الكتاب؟ وهو علم الكتاب - وهو علم الغيب - كعلمه انه سيكون كفار ومؤمنون بالقيامة والجزاء ونحو ذلك، والثاني علم الجزئيات، وهو علم الشهادة، وهو كفر زيد وإيمان عمرو ونحو ذلك فانه لا يعلم الله تعالى من ذلك شيئا حتى يكون، واستشهد على ذلك بقوله تعالى " عالم الغيب والشهادة " (٦) . وأما المبادئ الباطنية فانه بناها على آراء منسوبة لانبذوقليس، وليست له، وإنما هي بعض آراء فيلون الإسكندري وافلوطين، ومن هذه الآراء المنسوبة لانبذوقليس


(١) التكملة: ١٩٩.
(٢) التكملة: ١١.
(٣) التكملة: ٣٢١.
(٤) ابن الفرضي ٢: ٤١.
(٥) ابن الفرضي ٢: ٤١.
(٦) الفصل ٤: ١٩٨.

<<  <   >  >>