للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدنيا وفي شواهد الحكم والتذكير والوعظ (١) ، وديوان النصائح وهو أيضاً مجموعة من الأشعار الزهدية لابن أبي زنين، وغير ذلك من الدواوين والمجموعات الشعرية، غير ان هذه المآثر كلها تشير إلى تبلور الشعور " بالأندلسية " كثرهما تشير إلى استقلال ما في طبيعة الأدب وموضوعاته.

الأمثال الأندلسية

ومن حقنا ان نضيف هذه الظاهرة في استقلال الشخصية الأندلسية الأدبية إلى ظاهرتين أصليتين كانتا آخذتين في تمييز حدود تلك الشخصية؟ بطريقة طبيعية - مع الزمن، وأعني بهما استقلال الأندلس في أمثالها، وفي طبيعة لهجتها ولغتها. وكلما تقدمنا في الزمن، كان وضوح هاتين الظاهرين أقوى وأشد.

وقد وصلنا قليل من امثالهم، وهو يدل على انه نتاج بيئتهم، لاتصاله بأشخاص وأحداث ومظاهر منها فمن ذلك انهم كانوا يقولون حين يضربون المثل في الفصاحة: " ما هذا إلا أبو حرشن " و " أفصح من بكر الكناني " و " أفصح من الرشاش " (٢) وكل هؤلاء من لغويي الأندلس وقدامى المؤدبين. ويقولون في تصوير اختلاف ما تجيء به الحال: " سنة عفص وسنة بلوط " (٣) . ومن سائر أمثالهم: " شتان بين خلة وسعاد " (٤) . وكانت خلة زوجة أحد القضاة وهي قبيحة الشكل بينما كانت خادمتها واسمها سعاد فائقة الحسن. وجاء في أمثالهم " ومن ثور حي لا يلبس هراكيس " (٥) أي انه لا يمكن ان يستفاد من جلد الثور إلا بعد أن يذبح. وبعض أمثالهم يبين مميزات مدنهم كقولهم " من دخل شريش ولم يأكل بها المجبنات فهو محروم " (٦) . ومن أمثالهم أيضاً


(١) ابن الفرضي ١: ٤٠٦.
(٢) الزبيدي: ٢٨١، ٢٨٣، ٢٨٤
(٣) قضاة قرطبة: ٧٧
(٤) قضاة قرطبة: ٣٥
(٥) التبيان: ٦١، اما كلمة " هراكيس " فأظنها مصحفة عن كلمة " مراكيب "
(٦) النفح ١: ٨٧

<<  <   >  >>