للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاميون يسمون " السادة " ويرجع هذا التمييز إلى وضعهم في الجندية. إذ كان الواحد من الشاميين يرزق بعد انقضاء الغزاة عشرة دنانير ان كان من بيوتات العقد، فان لم يكن منها رزق خمسة دنانير، وللواء الغازي من الشاميين مائتا دينار، وللواء الغازي من البلديين مائة. ولم يكن الديوان والكتبة إلا من الشاميين وكانوا أحرارا من العشر، أما العرب البلديون فيؤدون العشر (١) .

وبالإضافة إلى هذه العناصر من بلديين ومولدين ومسالمة وشاميين وأمويين كان هناك عنصران آخران من أهل الذمة هما: اليهود والنصارى الذين لم يسلموا، أما اليهود فقد وثق المسلمون عند الفتح وضمهم في كل بلد مفتوح مع حامية إسلامية، وقد تركوا لهم حرية العقيدة وحرية التنظيم الداخلي للجماعة اليهودية، وأما أهل الذمة من النصارى فقد ذكرنا كيف ان العرب الشاميين نزلوا على أموالهم، وكان لهم قضاتهم كما كان لهم مطران مركزه طليلة، وحفظ العرب لهم أديرتهم وأكثر كنائسهم، غير انه لم يطل بهم حتى استعربوا لسانا وزيا. وكان بعض رجالهم مثل أرطباس مقدما في عهد الولاة يستشيرونه في كثير من الأمور وقد ولاه عبد الرحمن القماسة أي جعله قومسا (٢) وهو الذي نصح أبا الخطار بتفريق الشاميين على الكور. وعلى وجه الإجمال كان التسامح مع أهل الذمة هو الطابع العام للسياسة بالأندلس الا حين كان الذميون يوالون العناصر المعادية للحكم العربي.

أما تملك الفاتحين للأرض في الأندلس فقد جرى على وجهتين:

أ - اعتبر العرب ما فتحوه من الأرض غنيمة وهذا ما يدل عليه نص فريد لابن حزم في رسالة " التلخيص لوجوه التلخيص " حيث قال: " هذا مع ما لم نزل نسمعه سماع استفاضة موجب للعلم الضروري ان الأندلس لم تخمس وتقسم كما فعل رسول الله فيما فتح ولا استطيبت أنفس


(١) الإحاطة ١: ١١٠.
(٢) ابن القوطية: ٣٨.

<<  <   >  >>