للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاجتهاد في توفير العوامل التي تؤدي إلى بلوغه، إذ ليس بالقليل أن نفكر في الارتفاع بالذوق الأدبي، وتوسيع الأفق الثقافي بوجه عام، والمقارنة بين ما عندنا وما عند الآخرين؛ لفرز الغث من الثمين، والعمل على تنقية ما نملكه وما نفكر في استعارته أو استلهامه من الأوضار والشوائب.

بيدَ أنّني أجدُ لِزامًا عليًّ بعد ذلك كله التوضيح بأني لست من أنصار توسع نطاق الأدب المقارن بحيث يشمل أيضًا المقارنة بين الأدب، وغيره من ألوان الإبداع والمعارف، طبقًا لما ينادي به "رينيه ويلك" وكذلك "ريماك H H" بل أرى في هذا تمييعًا للأمور، إذ من الواضح أنه لا يوجد في الواقع تجانس بين هذا اللون من الدراسة والمقارنة بين أدبين مختلفين.

إننا في الأدب المقارن ندرس وجوه الاختلاف أو الاتفاق، أو الصلة بين أدب وأدب؛ فلنبق داخل دائرة الأدب، ولا نوسع الخرق على الرّاقع، وإلا لم تعُد هناك حدود تميز هذا الميدان عن غيره من الميادين, ونحن بطبيعة الحال لا ننكر على أحدٍ أن يدرُس ما يشاء، بل كل ما نقوله: هو أننا لا نريد تمييع الحدود؛ حتى يكون للأدب المقارن شخصيته، مثلما لكل علم آخر من العلوم المتصلة بالأدب وغير الأدب، شخصيته الواضحة المحددة.

وعلى هذا فإن مقارنة العقاد والمازني في شبابهما في عشرينات القرن البائد مثلًا بين الشعر وبين الفلسفة، وبين الفنون الجميلة على ما فيها من حساسية فنية، وعمق في التحليل، وسعة في الأفق لا تعد في رأيي من الأدب المقارن، على عكس ما حاول الدكتور علي شلش أن يصنفها, لقد كان الدكتور شلش بإلماحاته للعقاد والمازني وغيرهما يرد على كمال أبو ديب، في دعواه بأن

<<  <   >  >>