والآن إذا ما نظرنا إلى ما تركه القرآن في الأثر فيما خططته براعة جوته، وجدنا شاعرنا مثلًا في خطاب مبكر منه لـ"هلدر" يستشهد بقوله تعالى في سورة "طه" على لسان موسى عليه السلام: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي}(طه: ٢٥).
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}(الرعد: ٧){وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}(العنكبوت: ٤٨) وغير ذلك من الآيات التي تلقانا في رسائله الشخصية، ومقالاته وكتبه وأشعاره.
وفي شبابه نظم جوته قصيدة بعنوان "أنشودة محمد" مدحه -عليه السلام- فيها مديحًا حارًّا يدل على مدى الاحترام الذي كان يكنه للرسول الكريم، وقد كتبها في سنة ألفٍ وسبعمائة وثلاثٍ وسبعين، بعد أن قرأ كل ما تحت يده من دراساتٍ عنه -صلى الله عليه وسلم- وفي هذه الأمدوحة، التي بدأها جوته على شكل حوارٍ بين علي وفاطمة -رضي الله عنهما- نَجِدُه يُشبه -عليه السلام- بنهر يتدفق في هدوء، لا يلبس أن يستحل سيلًا هادرًا يكتسح ما أمامه؛ ليصب في نهاية المطاف في المحيط الذي يرمز عنده إلى الألوهية.