للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحسبنا أن نخفف من غلوائها، ونكفكف من شططها؛ فلا يجيء التعصب ظالمًا لا يُحتمل، وهذا هو محمد أركود نفسه، على رغم كل تحمسه لما عند الغربيين؛ يقرر أن تَدريس الأدب المقارن في الجامعات الأوربية لا يتعرض لدراسة الأدب العربي الإيراني وغيرهما، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالفلسفة التي ازدهرت في السياق الإسلامي بين القرنين: الثامن، والثاني عشر الميلادي؛ فإن أحدًا لا يهتم بها في الغرب.

والعلوم الاجتماعية المختصة دراسة الأديان، لا تزال مستمرة في تجاهلها للإسلام، أو تخصص له مكانة ضئيلة وهامشية، وهو ما يرينا على نحو أو آخر أن الظن أن طبيعة الأدب المقارن من شأنها القضاء التلقائي على التعصب القومي أو الديني، هو ظن لا يقوم على أساس، بالتأكيد سوف يساعدنا الأدب المقارن على مزيد من فهم بعضنا بعضًا، لكنه لن ينجح من قلع ما غرس في أغوار أنفسنا العميق منذ أول الخلق.

إنّ الغَرْبِيينَ بوجه عام بحسب الرطانة الجديدة، لا يريدون مثاقفة بينهم وبين الآخرين، بل يريدون في أقل القليل غزوهم ثقافيًّا ولعل من الخير الاستعانة بالفقرة التالية، وهي من مقالة على "المشباك" للدكتور مسعود عشوش بعنوان "المثاقفة أبرز آليات حوار الحضارات" في موقعه "لمنته" لتوضيح ما أقصد قوله، قال: "في الأصل المثاقفة هي عملية التغيير أو التطور الثقافي، الذي يطرأ حين تدخل جماعات من الناس أو شعوب بأكملها، تنتمي إلى ثقافتين مختلفتين، في اتصال وتفاعل يترتب عليهما، حدوث تغيرات في الأنماط الثقافية الأصلية السائدة في الجماعات كلها أو بعضها.

والمثاقفة بعكس الغزو الثقافي الذي يتضمن في طياته الرغبة في محو الآخر، وإلحاقه وفرض التبعية عليه، ومعاملته بنظرة فوقية عدوانية متغطرسة، تقوم على الندية

<<  <   >  >>