للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عظَّم الله تعالى مكانة المسجد، ورفع من شأنه في آياتٍ كثيرة منها قوله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} . [النور آية:٣٦] .

ولَمَّا كان نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد، ذكرها منوهاً بها فقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ....} : أي يتعبد لله {فِي بُيُوتٍ} : عظيمة فاضلة هي أحب البقاع إليه وهي المساجد. {أَذِنَ اللَّهُ} : أي أمر ووصَّى {أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} : يدخل في ذلك الصلاة كلها، فرضها ونفلها، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتحميد، وغير ذلك من أنواع الذكر وتعلم العلم وتعليمه والمذاكرة فيها والاعتكاف وغير ذلك من العبادات التي تفعل في المساجد، ثُمَّ مدح الله عمَّارها فقال: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاة} ١: فهؤلاء الرجال - وإن اتجروا وباعوا واشتروا فإنَّ ذلك لا محذور فيه، لا تلهيهم تلك بأن يقدموها ويؤثروها على ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه.

وسبق أنَّ من الأمور الدالة على مكانة الصلاة في الإسلام المواضع التي تقام فيها لما لها من آثار اجتماعية كثيرة منها إيجاد التكافل الاجتماعي بين المسلمين، فالمسجد وسيلة التعارف اليومي، ثُمَّ يتحول التعارف مع مرور الأيام إلى تآلف ومنه تنشأ أواصر الأخوة الإسلامية في الله. والغاية من ذلك كله هو وجود مجتمع مترابط منسجم كالأسرة الواحدة٢.


١ وأول الآية قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال} .
٢ الدعوة في عهد الملك عبد العزيز ١/٣٥٤-٣٥٥

<<  <   >  >>