للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وكأنَّه لما قال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} قيل: فليقاتِل المؤمنون، فلولا القتال لَتُغُلِّبَ على أهل الحق في كُلِّ أُمَّة١.

وقوله -تعالى-: {يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} .

الضمير {فِيهَا} يعود على المساجد؛ لأنَّها أقرب مذكور. وقيل: يعود على الجميع، باعتبار ما كان عليه الأمر قبل أن ينحرف أهلها عن دين الحق، وتنسخ بما جاء في القرآن. وأُخِّرَت المساجد لتأخرها في الوجود.

وقيل: إنَّ هذه المواضع ذُكِرَت مرتَّبة على الأشرف فالأشرف. فأُخِّرَت المساجد لشرفها٢؛ ولأنَّها أماكن العبادة الحقة٣.

{وَلَيَنْصُرنَّ الله مَنْ ينْصُرُه إنَّ الله لقويٌّ عزيز}

اللام واقعة في جواب القسم. والمعنى: والله لينصرن مَنْ ينصره.

- والمراد بمَن ينصر الله: من ينصر دينه وأولياءه٤.

- ونصر الله تعالى لهم: أن يظفر أولياءه بأعدائهم جلاداً وجدالاً، وفي ذلك حضٌّ على القتال.

- ثُمَّ أخبر تعالى: أنَّه قوي على نصرهم، عزيز، لا يغالب٥.

فوصف الله نفسه بالقوة والعزَّة، فبقوته خلق كل شيء، فقدَّره تقديراً. وبعزَّته لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب. بل كل شيء ذليل لديه، فقيرٌ إليه.

ومَن كان القاهر الذي لا يغالب ناصرَهُ، فهو المنصور، وعَدَوَّهُ المقهور. قال تعالى: {ولقد سَبَقَت كَلِمَتُنا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ. إنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورونَ. وإنَّ


١ البحر المحيط ٦/٣٧٤-٣٧٥
٢ ابن كثير ٣/٢٢٦
٣ صفوة التفاسير ٢/٢٩٢
٤ فتح القدير ٣/٤٥٧
٥ أحكام القرآن لابن العربي، القسم الثالث ص ١٢٩٧.

<<  <   >  >>