للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - (١)

سنة ٤٩٦: وفيها وثب قوم من الباطنية على جناح الدولة حسين (٢) فقتلوه، وذلك في يوم الجمعة ثامن وعشرين رجب، وكان ذلك من تدبير أبي طاهر الصايغ وخدمة للملك رضوان، واستولى بعده فراجا على حمص.

٦ - (٣)

سنة ٥٣١: مات القاضي أبو سعيد الحرشي بالرقة رحمه الله، وكان من أفاضل المسلمين قد جمع الدين والأمانة والصدق والصيانة والنزاهة والكرم. وحدثني بعض الأصدقاء قال: رأيته بالرقة وقد نصب ثلاث خشبات، وقد أحضر قوماً يدلّونه في زبيل إلى ركية محفورة، قلت: يا سيدي أتفعل هذا؟ قال: هاهنا قوم أسراء وقوم حبسوا من الفرنج والمسلمين معهم مرض أنزل أداويهم، فلمته على ذلك فقال: هم من خلق الله عز وجل، وما عمل شيئاً قط بأجرة، وكان يداوي الضعفاء ويقضيهم الحوائج ويمشي إليهم ويغرم عليهم من ماله؟

وكان حسن الخلق طيب العشرة ضحوك السنّ، حدثني أخي مؤيد الدولة قال: شكوتُ إليه بعضَ حالي، وما أعانيه من شقاء السفر فقال: اصبر على ما تكره وإلا بُليتَ بما لا تطيق؟

وحدثني عنه جماعة قالوا: أمرنا أتابك بحمله من حلب إلى الموصل ليشهد البركة المعروفة بالقلعة، فحمل من حلب على جمل في محاره، وجعلوا معه صبية أرمنية مأسورة، فكان يلطف بها ويطعمها، فقال لها يوماً: يا صبية من أين أسروك؟ قالت: من بلد كذا، ثم قالت له: فبالله يا عمي من أين أسروك أنت؟ قال: من الشرقية التي في جامع حلب.


(١) بغية الطلب ٥: ١٩٨ وسويم ١٢٣.
(٢) كان أتابك رضوان بن تتش، فحين قتل تتش قسيم الدولة آقسنقر سلم حمص إلى جناح الدولة، فلما خلف رضوان أباه استوحش جناح الدولة وذهب إلى حمص فقتله الباطنية بتحريض رضوان.
(٣) بغية الطلب ٩: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>