وحدثني محمد بن المنهال قال: لقيت تابوت الإخشيد بنواحي طبرية على جمل أعور، والذين معه من السودان يتأذون بريحه، وإذا نزلوا بعدوا منه، إلى أن وصلوا به إلى بيت المقدس ودفن هناك.
وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يوسف في كتابه في سيرة ابن طولون بما خلفه، فأردت أن أذكر في سيرة اخشيد ما خلفه، وكان كثير المصادرة، فأما الذي خلفه من المال والعين والورق فحدثني محمد بن عبد الله قال: قال لي أبي قلت الإخشيد بالرقة وقد ذهب أكثر ما معنا من المال في ذلك، فأخذ منطقتي بيده وجذبني وقال: تدرى كم خلفت عند كردن؟ خلفت عندها عشرين بيت مال. وذكر صالح بن نافع أن الإخشيد أوقفه على سبع مطامير في كل مطمورة ألف ألف دينار، مطمورة من الدنانير الإخشيدية، ومطمورة مقتدرية، ومطمورة مكتفية، ومطمورة متقية، ومطمورة مغربية، ومطمورة من خلط دنانير العراق (١) .
ولما توفي الإخشيد وجلس ابنه واستوزر أبا بكر محمد بن علي الماذرائي طلب من أم ولد الإخشيد المال للرجال، فقالت: ما عندي، فقال: ما فعلت سبعة أرادب أخذها مني دفعة ما أنفق منها دينارا واحدا؟
وخلف من الجواهر ما قيمته مائتا ألف دينار، وخلف من العنبر ثمانمائة رطل، وخلف من العبيد ثلاثة آلاف ما بين روم ومولدين وسود، وخلف من الخيل لركابه ألفا ومائتي فرس سوى دواب غلمانه، وخلف من البغال ثلاثة آلاف، ومن النوق ثلاثة آلاف، ومن المراكب مائة مركب سوى العشاريات، كل مركب يقوم عليه بثلاثة آلاف دينار.
[أبو القاسم أونوجور بن الإخشيد]
لما ورد نعى الإخشيد إلى مصر سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة في المحرم اضطرب البلد، وركب أبو المظفر أخوه، ووزيره أبو بكر محمد بن علي بن مقاتل إلى دار الإمارة، وخرج إليهما ابنه أبو القاسم أونوجور، وحضر الناس للتعزيه، وانصرفوا على غير رأي ولا تدبير، وانصرف أبو المظفر إلى داره في موكب كبير،