لينسخوه فأدفعه إليهم؟ فقال: لا، وقد بين هذا المنع من الإخشيد أنه قد عرف معنى هذا الكتاب وأنه إلى الهجاء أقرب، لأنه كان فطناً جيد الرأي. وكنت قد سئلت في سنة خمسين وثلاثمائة عن أبي الحسن عليّ بن الإخشيد أن أعمل سيرة أبيه، فعملت هذه السيرة ووصلت إليه وحسن موقعها منه وأحسن عليها المكافأة وجعل ذلك جارياً في كل سنة هو ووالدته، ولم أضمن هذه السيرة إلا ما شاهدته أو أخبرني به من أثق به حسبما أمكنني. وقد كان أبو عمر محمد بن يوسف الكندي عمل أخبار أمراء مصر وختمه بوفاة الإخشيد وذكر له أخباراً يسيرة، وقد أتممت أنا هذا الكتاب بسيرة أنوجور وأخيه عليّ وكافور وأحمد بن عليّ بن الإخشيد والقائد جوهر إلى أن دخل المعز لدين الله عليه السلام مصر وصارت دار خلافته، وقد زدت في هذه السيرة أشياء بعد عليّ بن الإخشيد.
[ذكر الإخشيد]
هو أبو بكر محمد بن طغج بن جف بن بلتكين بن فوري بن خاقان " صاحب سرير الذهب " ملك جاجاخ وهو ملك فرغانة، وتفسير طغج عبد الرحمن. وكان جف جد الاخشيد قد سار من فرغانة إلى المعتصم فصحب ابنه الواثق إلى أن توفي، ثم صحب أخاه المتوكل إلى أن توفي جف في الليلة التي قتل فيها المتوكل. وكان طغج سرياً عطراً، وكان أحمد بن طولون قد قلده ديار مصر. ولما توفي أحمد بن طولون صار طغج مع أبنه أبي الجيش فولاه دمشق وطبرية إلى أن قتل أبو الجيش، وولي ابنه جيش فأقام ستة أشهر وخلط فخلع، وكان أول من خلعه طغج، وبويع أخوه هارون بن أبي الجيش فولى طغج دمشق وطبرية. وكان في أيامه ظهور صاحب الخال العلوي سنة تسعين ومائتين، فتولى طغج قتاله إلى أن ظفر به وحمل إلى العراق.
وكان لطغج من الولد سبعة ذكور، الإخشيد أحدهم، ولد ببغداد بشارع باب الكوفة للنصف من رجب سنة ثمان وستين ومائتين.