وكانت حرمة الشيخ عبد الله الجبائي كبيرة ببغداد، فلما دخلت أصبهان سنة ثمانين وجدته بها وهو عظيم الحرمة، فكان كل يوم يأتي إلى زيارتي. وبجاهه سمعت على الحافظ أبي موسى الجزء من السباعيات، فإنه كان مريضاً، وقد حجب الناس عنه، فلم يقدروا على حجب الشيخ عبد الله، فدخلنا معه، فأخذ الإذن من الحافظ أبي موسى لي في القراءة عليه. وكان إذا مشى في السوق قام له أهل السوق.
وحكى لي الشيخ طلحة يعني العلثي أن للشيخ عبد الله يعني الجبائي رياضات ومجاهدات يطول ذكرها. وحدثني الشيخ طلحة عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام: فقال يا رسول الله، أيثاب الرجل على قراءة القرآن؟ فقال: نعم فقال: يا رسول الله، بفهم وغير فهم؟ فقال: بفهم وغير فهم، قال: فقلت: يا رسول الله، كلام الله بحرف وصوت؟ فقال: وهل يكون كلام بغير حرف وصوت؟ وهل يكون كلام بغير حرف وصوت؟ وقال: وهذا المنام عندي بخط الشيخ طلحة، رحمه الله.
حدث الجبائي ببغداد وأصبهان، وروى عنه ابن الجوزي عدة منامات في كتبه، وقال: كان من الصالحين.
٢١ - (١)
عبد الله بن الحسين العكبري أبو البقاء: كان إماماً في علوم القرآن، إماماً في الفقه، إماماً في اللغة، إماماً في النحو، إماماً في العروض، إماماً في الفرائض، إماماً في الحساب، إماماً في معرفة المذهب، إماماً في المسائل النظريات، وله في هذه الأنواع من العلوم مصنفات مشهورة.
وكان معيداً للشيخ أبي الفرج ابن الجوزي في المدرسة، وكان متديناً، قرأت عليه كتاب " الفصيح " لثعلب، من حفظي، وقرأت عليه بعض كتاب " التصريف " لابن جني.