فأخذ المال وكتب لي الكتاب، فأنفذته في البرية إلى الإخشيد بدمشق، فأنفذه إلى مصر.
ولما اشتد الحال بين محمد بن تكين وبين محمد بن عليّ الماذرائي، خرج محمد بن تكين إلى ظاهر البلد، فأرسل إليه محمد بن عليّ: اخرج عن مصر، فقد رد السلطان أمر مصر إلي. فسار محمد بن تكين في عساكره فحاربهم بطرا (١) وهزمهم، ودخل مصر ونزل دار الإمارة، وتمكن واستتر محمد بن عليّ.
وورد كتاب القاهر على محمد بن تكين بتقليد مصر فقرأه على الناس، وكان عادلاً في ولايته، وتتبع أسباب محمد بن عليّ. ثم ورد كتاب القاهر إلى الإخشيد الذي تولى كتابته عليّ بن محمد بن كلا، ففرح به محمد بن عليّ الماذرائي لكراهيته لمحمد بن تكين، فدعي له على المنابر وهو يومئذ بدمشق، فأقام شهراً واحداً ويومين.
ثم ورد كتاب القاهر بتقليد أحمد بن كيغلغ مصر وأعمالها، وورد الرسول بذلك لتسع خلون من شوال سنة إحدى وعشرين، فتسلم له محمد بن عيسى النوشري، ودعي لابن كيغلغ على المنابر. وسر بذلك محمد بن عليّ الماذرائي، وزال أمر الإخشيد كأن لم يكن. وورد أحمد بن كيغلغ وظهر الماذرائي وأولاده وأسبابه وأهله وعماله، وخرج محمد بن تكين عن مصر وسار إلى بلبيس.
ولما كحل القاهر وجلس الراضي، ندب الفضل بن جعفر وزيراً لكشف مصر والشام، فوصل سجل عن الراضي أن الأمر إليه في تدبير كل ما يكون بالشامات ومصر، فحدثني ابنه جعفر بن الفضل الوزير قال: كان الوزير ببغداد محمد بن عليّ بن مقلة، فشرط أبي عليه وعلى الراضي أن الأمر إليه لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فأجيب إلى ذلك، وسار، وآل الأمر إلى أن قلد الراضي مصر محمد بن تكين وقال: هذا أبوه غلام أبي وجدي، فسار إلى مصر وقاتل، وخرج