للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل الردى في سائر الخلق واضح ... ومسلكه إلا بفعل التقى وعر

ولم أر إلا عالما مثل جاهل ... يضل على علم وبالدهر يغتر

فلولا التساوي مات قوم بدائهم ... ولكن تساوى في الردى العبد والحر

وما العمر إلا مثل حول قطعته ... وكان سواء فيه يومك والشهر

حكت سفنا في لج بحر جسومنا ... تسير بأرواح وغايتها الكسر

وكل طليق في الحياة تظنه ... طليق حمام لا يفك له أسر

يسر بتشيد المساكن ساكن ... ومسكنه المسكين لو علم القبر

وليس غناه بالحميد مآله ... وأحمد منه في عواقبه الفقر

وشرخ شباب المرء في العذر مطمع ... فأما إذا شاب العذار فلا عذر

بنفسي مفقودا جزعنا لفقده ... فأصبح إلا فيه يستحسن الصبر

يعز علينا أن نعزي به العلا ... ويصبح مفجوعا به المجد والفخر

ونفقد من أخلاقه وعلومه ... رياض ربيع لم يصوح بها الزهر

لئن عدم الأولاد من ظهره لقد ... حوى بأبي المجد الذي عدم الظهر [يريد بأبي المجد أخاه، لأن أولاد أخيه كانوا يتولون خدمة عمهم أبي العلاء] :

نجوم سماء لا يغض ضياؤها ... تزايد أنوار الشموس ولا البدر

لها حكم لم يعط لقمان بعضها ... وأحكام داود الذي عنده الزبر

وفضل سماح تنقص السحب عنده ... فليس بمحسوب إذا قطر القطر

وحسبهم فخرا بعمهم الذي ... يفضله بدو البسيطة والحضر

علا علماء الدهر فهي جداول ... وأنزر ما يبديه من علمه بحر

فتى علمت بغداد غاية علمه ... وما جهلت من ذاك ما علمت مصر

أقام بها حولين يجني علومه ... كما جنيت من خير أغراسها التمر

وآب مع الأعراب يزهي بلفظه ... ويعظم منها في فصاحته الفكر

أقر بنعماه مقيما وظاعنا ... وكفر أياديه التي سلفت كفر

وأنظم ما عمرت في وصف فضله ... مراثي، يرويها ويحدو بها السفر

فأيسر ما فيه من الفضل غاية ... يقصر عن إدراكها النظم والنثر

<<  <  ج: ص:  >  >>