للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ناراهما ". معناه بريء من كل مسلم يوالي مشركاً، وقوله: لا تتراءى ناراهما جملة مستأنفة منقطعة مما قبلها، ولفظها لفظ الخبر، ومعناها الإلزام والنهي كما قال زهير (١) :

القائلين يساراً لا تناظره ... عشاً لسيدهم في الأمر إذ أمروا (٢) أراد: لا تناظره، وجعل النهي للنار، وهو يريد أهلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد نظر إلى جبل أحد: " هذا جبل يحبنا ونحبه " وهو يريد أهله (٣) . وفي هذا الحديث وجوه من التأويل، أحدهما: أن معناه لا يستوي حكماهما. وقال بعضهم: معناه أن الله قد فرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا ناراً كان منهم بحيث يراها. وذكر بعض أهل العلم واللغة قال (٤) : معناه لا يتسم مسلم بسمة المشرك، ولا يتشبه به في هديه وشكله، والعرب تقول: ما نار بعيرك؟ أي ما سمته، ومنه هذا قولهم: نجارها نارها أي ميسمها يدل على كرمها وعتقها. قال الراجز (٥) :

قد سقيت آبالهم بالنار ... والنار قد تشفي من الأوار يقول: لما عرفت سماتها سقيت لكرامة أهلها وعزهم.

قال أبو عبيد: وقال عليه السلام: " للعاهر الحجر وقال: " لا ترفع عصاك عن أهلك "، فقد علم أنه لم يرد ضربهن بالعصا، إنما هو الأدب. وكذلك الحجر، إنما معناه أنه لا حق له في نسب الولد.


(١) س ط: وهذا.
(٢) شرح ديوانه: ٣٠٦.
(٣) يسار راعي إبل لزهير أخذه الحارث بن ورقاء الصيداوي، وبلغ زهيراً أن بني الصيداء نهوا الحارث أن يرده فقال قصيدته التي منها البيت.
(٤) قال: أن، في س.
(٥) الكامل: ٢٧٩.

<<  <   >  >>