فهذه الحدود الكمية قد تجعل عجزاً يواجه الأمة حالياً ومستقبلاً، وتقلل من نسبة الإبداع المعرفي في الجوانب الأخرى، لأن مقتضى التجربة والحكمة يؤكد أنه ليس كل من التحق بتخصص سيبدع فيه، كما أن قلة الملتحقين سيؤدي إلى قلة المبدعين، لذلك لا بد أن تعي المؤسسات التربوية الحدود الكمية وأثرها على النسبة النوعية للإبداع في كل تخصص أو فن.
٢- الجانب الخُلُقي:
يعتبر الجانب الخُلُقي أسّاً وركيزة لا غنى عنهما في الجانب الإبداعي، حتى تأخذ بأيدي المتفوقين فيما يتفتق عن أذهانهم وخبراتهم نحو الخير والبناء والإصلاح، لأن واقع الإبداع يشير إلى أن المتفوقين الذين فقدوا الجانب الأخلاقي، كانوا دماراً على المجتمعات بما أنتجوا من ابتكارات، فمخترع القنبلة الذرية رجل مبدع لا شك في ذلك، ولكن فقدان الجانب الأخلاقي جعله يسخر ذهنه في ابتكار ما يدمر به البشرية. وما نتج عن الهندسة الوراثية من التوصل لما يسمى بالاستنساخ البشري ما هو إلا نتيجة جنوح إبداعي غير أخلاقي.
ويشير إلى هذه المخاطر أحد المتخصصين في الدراسات الكيميائية: بأن طلب الحقيقة غير المرتبط بالالتزامات الشرعية يمكن أن يؤدي إلى هلاك البشرية، فهناك ميادين متزايدة في العلوم توضح صحة هذا الكلام، وميدان هندسة الوراثة واحد من هذه الميادين، فالقدرة على معالجة الجنس البشري بحيث يكون نسله ذرية من العمال أو الجنود العباقرة له عواقب مخيفة، والقدرة على استخدام الطاقة الذرية للتخريب اتضحت معالمها في (هيروشيما،