للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أوابد أخباره، وخالد آثاره، كتابه المترجم ب - " المنخل " في اختصاره " إصلاح المنطق " لابن السكيت (١) ، فإنه غاية لا يتعاطاها إلا من بهر عتقه، واشتهر سبقه، وطريقة لا يتوخاها إلا من رسخت في العلم قدمه، وترامت به إلى معالي الأمور هممه؛ ومما يعجب من أمره، ويرفع الصوت بجلالة قدره (٢) : " أنه استظهر القرآن وعدةً من الكتب المجردة في اللغة، ونحو خمسة عشر ألف بيت من مختار الشعر [القديم، ونظم الشعر] وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر (٣) عنه نظراؤه، ومن علم الحساب وجميع الأدوات (٤) إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنةً، واختصر ذلك الكتاب فتناهى في اختصاره، وأوفى على جميع فوائده، حتى لم يفته شيء من ألفاظه، وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إلى الاختصار، وجمع كل نوع [إلى] ما يليق به ".

ولما أوقع الحاكم بأبيه وأهل بيته ونذر دمه، خرج من مصر معتقداً لعلو همته ناشداً لضائع ذمته، فأتى مكة فحمل أبا الفتوح (٥) على القيام بها، وقرب له ما كان يستبعد من طلبها، وجسره على أخذ ما كان بها من محاريب الفضة والذهب


(١) بعث أبي المغربي بالمختصر إلى أبي العلاء المعري فكتب الرسالة الاغريضية يثني على اختصاره وينبه ما على فضله، ومما قاله: " ووقفت على مختصر إصلاح المنطق الذي كاد بسمات ألباب، يغني عن سائر الكتاب، فعجبت كل العجب من تقييد الأجمال - شرفاً له تصنيفاً شفى الريب، وكفى من ابن قريب، ودل على جوامع اللغة بالإيماء، كما دل المضمر على ما طال من الأسماء.. " (رسائل أبو العلاء: ١٨ وصبح الأعشى ١٤: ١٨٢) ولأبي العلاء رسالة أخرى إلى ابن المغربي تعرف بالمنيح (انظر الرسائل ص: ٣) .
(٢) ما بين أقواس صغيرة يكاد أن يكون نص ما كتبه والد الوزير المغربي في ابنه، على ظهر مختصر إصلاح المنطق، ونقله ابن العدي في بغية الطلب ٥: ١٧ وما بين معقفين زيادة منه، وما جرى إصلاحه فإنما تم اعتماداً عليه، وكذلك هو عند ابن خلكان.
(٣) في الأصل: نقص.
(٤) ابن العدين: ومن حساب المولد والمقابلة وجميع الأدوات.
(٥) هو الحسن بن جعفر العلوي، وقد جوز له الوزير المغربي أخذ مال الكعبة وضربه به دراهم، وتلقب بالراشد بالله، ولى بعض هذا يشير ابن القارح بقوله: " وبغضي له - شهد الله - حياً وميتاً أوجبه أخذه محاريب الكعبة، الذهب والفضة وضربها دنانير ودراهم وسماها الكعبية ... " (رسالة الغفران: ٥٨، وانظر بغية الطلب ٥: ٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>