فتهافتوا في شهدها ... وتهالكوا مثل الأذبه وله من رقعة:
وبعد، فإني امرؤ يسرت لطلب هذا الخبر، واقتفاء هذا الأثر، أحرس شارده، وأقيد نافره؛ وأبيت بأبوابه، وأنصب لطلابه؛ فشغلت به دهراً، وفجرت منه نهراً، صيرني ترباً لعدنان، وزماماً على الحدثان، أقص أنباءه، وأضرب أمثاله، وأحصي وقائعه، وأحترز مواعظه. وأنسأتني المدة إلى أن لحقت بيدي منبعث هذه الفتنة البربرية الشنعاء المدلهمة، المفرقة للجماعة، الهادمة للملكة المؤثلة، المغربة الشأو على جميع ما مضى من الفتن الإسلامية، ففاضت أهوالها تعاظماً أدلهني منها، نفس الخناق، وبلل الرماق؛ فاستأنفت من يومئذ تقييد ما استقبلته من أحداثها؛ فأنعمت البحث عن ذلك عند من بقي يومئذ من أهل العلم والأدب لدينا، فلم أظفر منه إلا بما لا قدر له، لزهد من قبلنا قديماً وحديثاً في هذا الفن، ونفيهم له عن أنواع العلم. وانثنيت خائباً خجلاً ألوم نفسي على التقصير، وأحدوها بالأمل، وأعذر من قال " هممت ولم أفعل "؛ وشرعت في التقييد غب ذلك التفنيد، غير مخل به