فررت بنفسي أبتغي فرجةً لها ... على أن حلو العيش بعدك صاب
وما هزني إلا رسولك داعياً ... فقلت أمير المؤمنين مجاب
فجئت أغذ السير حتى كأنما ... تطير بسرجي في الفلاة عقاب
وما كنت بعد البين إلا موطناً ... بعزمي على أن لا يكون إياب
" ولكنك الدنيا إليّ حبيبة ... فما عنك لي إلا إليك ذهاب "
أصب بالرضى عني مسرة مهجتي ... وإن لم يكن في ما أتيت صواب وكان المعتضد كثيراً ما يرتاح في شعره إلى ذكر الطائفة التي كانت يومئذ تحاربه، فمن ذلك قوله:
لقد حصلت يا رنده ... فصرت لملكنا عقده
أفادتناك رماح ... وأسياف لها حده
وأجناد أشداء ... إليهم تنتهي الشده
غدوت يرونني مولىً ... لهم وأراهم عده
سأفني مدة الأعدا ... ء إن طالت بي المده
[٦أ] فكم من عدةٍ قتل ... ت منهم بعدها عده
نظمت رؤوسهم عقداً ... فحلت لبة السدة وأعجب المعتضد يومئذ بهذه القطعة الرندية، عجب حسان بن ثابت بقصيدته الميمية، وأخذ الناس بحفظها، وحملهم على ضبط معانيها ولفظها.