وعلى ذكرها وذكرهم، فلنلمع بشيء من أمرهم. بدأ بغرب إشبيلية وبها عدة رؤساء، وجماعة خلفاء، فكانوا دخان ناره، وزبد تياره، إلا ما كان من ثبوت قدم قريعه المظفر بن الأفطس، فإنه نازعه لبوها، وعاطاه إلى آخر أيامه كؤوسها، ولهما في ذلك غير مجال وميدان، وقد سرد قصصهما أبو مروان ابن حيان، وسألمع بعيونها، وأقلب ظهورها لبطونها.
جملة من حروبه مع المظفر وغيره من أمراء الغرب
قال ابن حيان: وأول ما ظهر من تفاسد عباد والمظفر أن ابن يحيى صاحب لبلة عند هجوم عباد عليه استجار بالمظفر بن الأفطس، فأجاره وانزعج له، ووصل يده وعطل ثغره، وجمع جيشه وأقبل إلى لبلة ناصراً لابن يحيى، مضيعاً لمن خلفه يوقد نار فتنة كان في غنى عنها، حتى نزل بنفسه على ابن يحيى ودافع ابن عباد عنه، وحرك في ذلك في حلفائه البرابرة جماعةً، فسارعوا إليه غير ناظرين في عاقبة أمرهم، وتقدموا في تحريك يعسوبهم محمد بن القاسم فانتظم به أمرهم، وتقدم بهم إلى إشبيلية ورحاهم تدور على قريعهم باديس بن حبوس، مدرههم في الجلى ومفزعهم في النائبة، يسلمون لرأيه ويزحمون بركنه، فأشفق الوزير ابن جهور من حركتهم تلكن على عادته في التقلقل لأمثالها، وجهد جهده في صرفهم، وأرسل ثقات رسله إلى عامتهم، إلا ما كان من الدائلين منهم عباد داعية المروانية ومحمد بن إدريس صاحب مالقة دائل الحمودية، فإنه تنكبها