المنتزي منهم - كان - بكورة مورور في غير كتيبةٍ نظمها، ولا مقدمة إليه قدمها، إلا فتيان ينبهان عليه، ويحملان الأموال بين يديه، تجاسراً على ركوب الخطر الذي تحاماه اللبيب، واستنامةً لصرف القدر وهو لا يدري أيخطئ أم يصيب، فخلص إلى ابن نوح هذا: من رجلٍ لا يبالي دم من تجرع، ولا يحفل بأي شيء يصنع، فبالغ ابن نوح في بره، وتضاءل لأمره، وحمل ذلك من فعله على آكد أسباب السلامة، وأتم وجوه الاستنامة، وفض المعتضد يومها من صميم ماله، في وجوه حماة ابن نوح ورؤوس رجاله، ما استمال به قلوبهم، واسنصح به جيوبهم.
ثم صار إلى ابن أبي قرة برندة فسامه مثلها، وحذا له نعلها، فتلك اعتد عليهم يداً، وجعلها لما أراد من مكروههم أمداً. وقد كان أحد أجنادهم أشار بالرأي في أكره، وأراد أن يطلع عليه من ثنية مكره، فواطأهم يومئذ بغدره، ورمز لهم بالاستراحة من شره، ففهمها المعتضد وجعل تلك الكلمة دبر أذنه، وأثبتها في ديوان إحنه، حتى حلي بطائلها، واستقاد بعد مديدة من قائلها، وجأجأ بالحاجبين المذكورين لأول تمكنه من الغرة، وساعةً صدره من مركزه من الحضرة، فتهافتا تهافت الفراش على الجمرة، وجاءا مجيء الحائن إلى الشفرة؛ وتطفل عليهما الحائن ابن خزرون المنتزي - كان - وقته بأركش، فلله أبوه وافداً