وأخذ يريش في تحصينه، ووضع أرصاده هنالك وعيونه، ويبري، ولله عزائم لا تقيها الحصون، ولا يهتدي إليها الأرصاد والعيون، ولكل شيء أمد مكتوب، وميقات مضروب، ويبلغ الكتاب أجله.
فصل في ذكر المعتمد على الله محمد بن عباد
واجتلاب جملة من شعره، مع ما يتعلق من الأخبار السلطانية بذكره
قال ابن بسام: ثم استوسق الأمر بعد المعتضد لابنه المعتمد، وكان مع اشتغاله بالحرب، وسعة مجاله بين الطعن والضرب، وعلى أن أباه عباداً ما انفك يدير عليه الرحى، ويقرع إليه كلما قرعت عصاً عصاً، حتى صار أسوة لنجوم ليلها، وحلساً لمتون خيلها:
لا يشرب الماء إلا من قليب دمٍ ... ولا يبيت له جار على وجل فقد كان متمسكاً من الأدب بسبب، وضارباً في العلم بسهم، وله شعر كما انشق الكمام عن الزهر، لو صدر مثله عمن جعل الشعر صناعة، واتخذه بضاعة، لكان رائعاً معجباً، ونادراً مستغرباً، فما ظنك برجلٍ