قال الداني: وبلغت حالي عنده من التقريب والترحيب أن أفرطت في الإدلال، وانبسطت في الاسترسال، وخاطبته في أن يكون زادي من نعمائه، وأن يحاول صنعه بعض إمائه، حرصا مني على التشريف، وسعيا إلى الاستزادة من شكر المعروف، فكان ذلك على أحسن وجه، وشكر غاية الشكر ابنساطي، وتحقق به صحة ارتباطي، وكنت خاطبته في ذلك بهذه القطعة:
وداع ولكني أقول سلام ... وللنفس في ذكر الوادع حمام
أخادع نفسا إن تحققت النوى ... فليس لها بين الضلوع مقام
قد ائتلفت أهواؤها بك جملة ... كما ائتلفت في وكرهن حمام
وشقت عن النصح المبين جيوبها ... كما شققت عن زهرهن كمام
أكرر لحظي في محياك إنه ... لنور الهدى فيه عليك قسام
وأحمل من تقبيل كفك سؤددا ... على عاتق الجوزاء منه حسام
أملبسي النعمى قديما ومثلها ... حديثا وأحداث الزمان عظام
لأجلستني حتى اتكأت ولم يزل ... يدل على المولى الكريم غلام
عسى عند حمل العيس رحلي في غد ... يهيأ من زادي لديك طعام
وميلي إلى الطاهي وطيب إرادة ... ليثبت لي في وصف ذاك كلام
وكيف أزيد المجد صحف محاسن ... سهرت لها والعالمون نيام قال: فأجابني بقوله:
كلامك حر والكلام غلام ... وسحر ولكن ليس فيه حرام
ودر ولكن بين جنبيك بحره ... وزهر ولكن الفؤاد كمام