للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنسيان وما استكرهوا عليه وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " أي إكراه إلى ما في ذلك من آثار الصحابة "١.

ثانياً: السنة:

١- عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه الصلاة والسلام، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا - يرحمك الله - هو ابنها، فقضى به للصغرى، قال: أبو هريرة: " والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، ما كنا نقول إلا المدية "٢.

قلت: أصح الأقوال عندي ما قاله القرطبي رحمه الله قال: " والذي ينبغي أن يقال أن داود عليه السلام إنما قضى للكبرى لسبب اقتضى عنده ترجيح قولها، ولم يذكر في الحديث تعيينه، إذ لم تدع حاجة إليه، فيمكن أن يقال إن الولد الباقي كان في يد الكبرى، وعجزت الصغرى عن إقامة البينة فقضى به للكبرى إبقاء لما كان على ما كان "٣.

والشاهد من الحديث لما نحن بصدده أن نبي الله سليمان عليه السلام استخرج الحق في هذه الحادثة بحيلة لطيفة أظهرت ما في نفس الأمر، حيث دعا بالسكين ليشقه بينهما ظاهراً، ولم يعزم على ذلك في الباطن، وإنما أراد كشف الحقيقة، فتوصل إلى مراده وتيقن أن الولد للصغرى لجزعها عليه، وعظيم شفقتها، ولم يلتفت إلى قولها أنه ابن للكبرى، لأنه علم أنها آثرت حياته، لأنه ابنها رحمة به وشفقة عليه، ولم تأبه الكبرى به ولم تتأثر من كلامه، قال القرطبي رحمه الله: " وفي الحديث من الفقه استعمال الحكام الحيل التي تستخرج بها الحقوق، وذلك يكون عن قوة الذكاء والفطنة وممارسة أحوال الخلق، وقد يكون في أهل التقوى فراسة دينية، وتوسمات نورانية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "٤.

٢- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في صلاته فلينصرف، فإن كان في صلاة جماعة فليأخذ بأنفه ولينصرف "٥.


١ إقامة الدليل ص ١٤٧-١٤٨.
٢ - صحيح البخاري جـ ٤ ص ١٧٠، صحيح مسلم جـ ٥ ص١٣٣.
٣ تفسير القرطبي جـ ١١ص ٣١٣.
٤ تفسير القرطبي جـ ١١ ص ٣١٤.
٥ سنن ابن ماجه جـ ١ ص ٣٨٦ قال في مجمع الزوائد: ((إسناده صحيح ورجاله ثقات)) .

<<  <   >  >>