وكتب الطباق والإثبات، ولازم السماع بنفسه عدة سنين، وقل أن سمع شيئاً إلا حفظه، وبلغ عدد شيوخه أكثر من مائتي شيخ، وهو أول من كتب على الاستجازة الكبيرة المعروفة بالألفية التي هي بخط المحدث أبي عبد الله محمد بن يحيى بن سعيد المقدسي التي سأل فيها الإجازة من مشايخ العصر لأكثر من ألف إنسان مؤرخة بسنة ٧٢١. والتمس منه صاحب سبتة أن يجيز له مروياته وينص على أسماء جملة منها، فكتب في عشر ورقات جملة من ذلك بأسانيدها من حفظه، قال الحافظ الذهبي: بحيث يعجز أن يعمل بعضه أكبر محدث يكون. قلت: وكان صدور هذه الإجازة منه وهو معتقل بثغر الإسكندرية سنة ٧٠٩.
وقد اقتديت به أيضاً فأجزت لكثيرين من معتقلي أيام المملكة الحفيظية، وأمليت هناك مجموعة تعرف ب " ما علق بالبال في أيام الاعتقال " وهي مجلدة نفيسة ذكرت في حرفها.
وللمترجم إجازة أيضاً كتبها لأهل غرناطة وإجازة لأهل أصبهان وإجازة لبعض أهل تبريز. وخرج أمين الدين الواني لابن تيمية جزءاً عن كبار شيوخه الذين سمع منهم ذكوراً وإناثاً، وحدث به الشيخ تقي الدين فسمعه منه جماعة فيه أربعون حديثاً عن أكابر شيوخه وعواليهم سنة ٧١٧، وهو مطبوع. وخرج لابن تيمية أيضاً الحافظ الفخر أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن البعلبكي الدمشقي جزءاً في مروياته العالية، وانتقى ابن تيمية جزءاً فيه مائة حديث من صحيح البخاري مشتملة على الثلاثيات الإسناد وموافقات وإبدال وعوالي وغير ذلك، وكانت وفاته رحمه الله سنة ٧٢٨ بدمشق. قال الحافظ ابن ناصر في شرح بديعته:" أنبأنا الحافظ أبو بكر وآخرون عن الحافظ الذهبي انه قال: أحفظ من رأيت أربعة ابن دقيق العيد والدمياطي وابن تيمية والمزي، فابن دقيق العيد أفقههم في الحديث، والدمياطي أعرفهم بالأنساب، وابن تيمية أحفظهم للمتون، والمزي أعرفهم بالرجال، اه ".