للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤٩٠ - ابن عزوز (١) : هو صديقنا الإمام العلاّمة المحدث المقري الفلكي الفرضي الصوفي المسند الشهير الشيخ أبو عبد الله سيدي محمد المكي بن ولي الله سيدي مصطفى بن العارف الكبير أبي عبد الله محمد بن عزوز البرجي النفطي مولداً التونسي تعلماً القسطنطيني هجرة ومدفناً، ولد في حدود سنة ١٢٧٠، وسماه بالمكي عمه الشيخ محمد المدني بن عزوز وكنّاه بأبي طالب تيمناً بأبي طالب المكي صاحب القوت (٢) وقرأ بتونس وتصدر للتدريس بها، وولي الإفتاء ببلد سكناه نفطة عام ١٢٩٧ وهو ابن ٢٦ سنة ثم قضاءها، ثم انتقل إلى السكنى بتونس سنة ١٣٠٩، وفي سنة ١٣ انقل إلى الآستانة فبقي بها إلى أن مات بها على وظيفة معلم الحديث الشريف بدار الفنون ومدرسة الواعظين.

هذا الرجل كان مسند أفريقية ونادرتها، لم نر ولم نسمع فيها بأكثر اعتناءاً منه بالرواية والإسناد والإتقان والمعرفة ومزيد تبحر في بقية العلوم والاطلاع على الخبايا والغرائب من الفنون والكتب والرحلة الواسعة وكثرة الشيوخ، إلى طيب منبت وكريم أرومة وكان كثير التهافت على جمع الفهارس وتملكها حتى حدثني بزاوية الهامل الشمس محمد بن عبد الرحمن الديسي الجزائري الضرير عنه أنه اشترى ثبتَ السقّاط وهو في نحو الكراسين بأربعين ريالاً، وهذا بذلٌ عجيبٌ بالنسبة لحاله، وأعجب ما كان فيه الهيام بالأثر والدعاء إلى السنّة مع كونه كان شيخ طريقة ومن المطالعين على الأفكار العصرية، وهذه نادرة النوادر في زماننا هذا الذي كثر فيه الإفراط والتفريط، وقلَّ من يسلك فيه طريقَ الوسط والأخذ من كل شيء بأحسنه، عاملاً على قوله تعالى (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) وكانت وفاته رحمه الله


(١) انظر بروكلمان، التكملة ٨٨٨:٢ وإيضاح المكنون ٦٠:١ والزركلي ٣٣٠:٧ (وفيه اعتماد على فهرس الفهارس) .
(٢) يعني كتاب " قوت القلوب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>