للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الشبهة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا شككت في شيء، فدع"، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} أي كلمة حسنة وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} .

وقال عز وجل: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} .

وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} , إن قيل: حكُمه حَسَنُ لمن يوقن ولمن لا يوقن فلم خص؟ قيل: المقصد إلى ظهور حسنه والاطلاع عليه وذلك يظهر لمن تزكى واطلع إلى حكمة الله تعالى دون الجهلة. والإحسان: يقال على وجهين: أحدهما: الإنعام على الغير؛ يقال: أحسن إلى فلان، والثاني: إحسان في فعله؛ وذلك إذا علم علماً حسناً أو عَمل عملاً حسناً, وعلى هذا قول أمير المؤمنين -رضي الله عنه-: "الناس أبناء ما يحسنون" أي منسوبون إلى ما يعملون.

وما يعملون من الأفعال الحسنة قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} .

والإحسان أعم من الإنعام؛ قال تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ} فالإحسان فوق العدل، وذلك أن العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ما له، والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له، فالإحسان زائد عن العدل. فتحري العدل وأجب، وتحري الإحسان ندب وتطوع. وعلى هذا قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} . وقوله عز وجل: {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} . ولذلك عظم الله ثواب المحسنين فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} , وقال تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} , {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} .

ولدى التأمل في هذا النص قد نلاحظ الملاحظات التالية:

أولاً- إن كتاب المفردات معجم خاص, وقد توفر على الشرطين الأساسيين اللذين توفرت عليهما سائر المعاجم اللغوية وهما الترتيب والشمول ١. فها هو ذا قد رتب مفردات القرآن الكريم جميعها تقريبا ٢ حسب حروف الهجاء باعتبار أوائلها، فمادة (حَسب) تسبق (حسد) وهما تسبقان مادة خرج وهلم جرا.


١ راجع لذلك حركة التأليف عند العرب وأمجد الطرابلسي، والمعجم العربي، نشأته وتطوره د. حسين نصار.
٢ أقول تقريبا لأنني اطلعت على استدراك مخطوط عليه عدد مواد قرآنية لم يتعرض لها، رقم ض٤٤٨ مكتبة راغب باشا باستانبول.

<<  <   >  >>