للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقول: هو معجم خاص؛ لأنه يختص بما ورد في القران الكريم فقط من مواد لغوية. وبهذا قد يكون تفرد من بين أصحاب المعاجم الذين سبقوه. ولعل المعاجم الخاصة لم تظهر إلا متأخرة في اللغات الأجنبية وفي لغتنا العربية١.

ثانياً - ترتيب معجم المفردات على أساس حروف الهجاء مع مراعاة أوائل الأصول.

لقد وردت مادة (حسن) في هذا المعجم في نهاية قائمة الحاء والسين وما يثلثهما: حَسّ، حسب، حَسد، حسر، حسم، حسن. ثم وردت بعد مادتها (حشر) وما يشتق منها. وهكذا يكون قد نظر إلى حرف الحاء- مثلاً- في الترتيب، وهو بذلك يخالف ما عرف قبله من معاجم ترتب المواد حسب مخارج الأصوات, أو اعتبار الحرف الأخير من المادة، كما عرف في معجم العين للخليل (١٧٠ هـ) , وتاج اللغة العربية, وصحاح العربية للجوهري (٣٩٣) , ويوافق في طريقته طريقة ابن دريد الأزدي (٣٣١ هـ) في الجمهرة في اللغة, وابن فارس (٣٩٥) الذي نرجح أن الراغب كان معاصراً له، في معجميه (المجمل) , (ومقاييس اللغة) .

ثالثاً- ثنائية اللغة- ويبدوا أن الراغب قد تأثر بابن دريد أكثر من غيره؛ وذلك أننا لو نظرنا إلى قائمة الحاء والسين وما يثلثهما لوجدناه يبدأ فيها بالفعل حَسَّ ثم يأتي بعده الحاء والسين والباء. وكذلك في مادة (حَضَّ) ومادة (مَزَّ) . أليس يدل هذا على أن الراغب كان يرى ثنائية اللغة وأنها أولاً ذات أصول ثنائية؟ وقد كان ابن دريد يقسم اللغة إلى ثنائي وثلاثي ورباعي وقد لاحظ هذا في الراغب العالم اللغوي الأب انستاس الكرملي, وقال: "إنه تشبث بالثنائية"٢، وذكر باحث آخر ذلك بإعجاب قائلاً: "إن الثنائية سمة اللغات السامية"٣.

ومما قد يساعد على هذا أن الراغب قد أفرد للمواد الرباعية أبواباً خاصة ولم يلحقها بالثلاثي مثل: عبقر، وعسعس، وشرذم، وسرمد، وِما ذاك إلا أنه يوافق رأيه في القول مع القائلين إن الرباعي ثنائي مضعف، فزلزل مثلاً من زلّ وعسعس من عَسَّ.

رابعاً - الخبرة اللغوية- يبدو أن الراغب يدل بثقافة لغوية عريضة، يناقش فيها ما يورد اللغويون قبله بثقة اللغوي واقتدار المفكر، ففي مادة (بعض) نراه يقول:

"بعض الشيء جزء منه..... ويقال ذلك بمراعاة كل، ولذلك يقابل به كل, فيقال:


١ لم تعرف في لغتنا إلا حديثا معجم المصطلحات الزراعية، والمعاجم الطبيعية والفلسفية والاجتماعية مهلاً.
٢ راجع لذلك دراسات في فقه اللغة د. صبحي الصالح ص١٦٢، وهذا يوافق رأي الكرملي.
٣ المرجع السابق، ص١٦٤.

<<  <   >  >>