للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويروى عن المهلب: كشف الساق للمؤمنين رحمة ولغيرهم نقمة١.

وذكر ابن القيم اختلاف الصحابة في المراد بالساق، ويرى أنه ليس في ظاهر الآية ما يدل على أنه صفة لله تعالى، لأنه سبحانه وتعالى لم يضف الساق إلى نفسه بل ذكره مجرداً ومُنكّراً كما تقدم٢.

ويرى ابن القيم أن الذين يثبتونه صفة لله، إنما يثبتونه بدليل خارجي، وهو حديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو من أحاديث الشفاعة ويميل ابن القيم إلى أن الساق صفة من صفات الله مثل الوجه واليد وغيرهما، وتنكيره للتعظيم والتفخيم.

ويرى ابن القيم أن حمل الآية على الشدة لا يصح ويعلل ذلك لأن في لغة العرب إنما يقال كُشِفَتْ الشدة عن القوم، ولا يقال كشفت عن الشدة، مثل قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ} ، فالعذاب هو المكشوف في الآية وليس هو المكشوف عنه.

ويرى ابن القيم أن سياق الآية يوم يكشف عن ساق لا يدل على ما قيل إن معنى الساق الشدة. فلذلك يرى أن تُفسّر الآية بحديث أبي سعيد الخدري الذي أشرنا إليه، فيصبح معنى الآية - في ضوء الحديث المذكور: "يوم يكشف الله لعباده عن ساقه فيدعون إلى السجود فيسجد المؤمنون الذي يسجدون لله مخلصين له الدين، أما المنافقون المراءون الذين كانوا يسجدون رياء وسمعة فلا يستطيعون السجود، إذ تصبح ظهورهم طبقاً واحداً فلا يستطيعون الهبوط للسجود". وفي حديث أبي سعيد الخدري جاء قوله عليه الصلاة والسلام: "فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليهم اليوم، وإنا سمعنا منادياً ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا.


١ المصدر السابق.
٢ مختصر الصواعق المرسلة ص: ٢٣.

<<  <   >  >>