للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أرحم بك من أشاء من عبادي. وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكم ملؤها. فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول: قط قط١ فهناك تمتلئ ويزوي بعضها على بعض".

وهذا الحديث رواه غير واحد من الصحابة منهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك خادم رسوله الله عليه الصلاة والسلام، وفي بعض رواياته: "حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله فتقول: قط قط قط ثلاثاً وفي بعضها: "حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول: قط قط وعزتك" ٢.

وموقف السلف من معنى الحديث هو أن الحديث من أحاديث الصفات، وأن القدم صفة من الصفات الخبرية التي تمر كما جاءت دون تأويل أو تحريف في النص، ودون تشبيه أو تمثيل لصفات الله بصفات خلقه، فلا تقاس قدمه بأقدام خلقه، ولا رجله بأرجل مخلوقاته، بل يكتفى بالمعنى الوضعي للكلمة دون محاولة لإدراك حقيقة قدمه، وقد عجزنا عن إدراك حقيقة ذاته سبحانه فآمنا وسلمنا لله ولرسوله، هذا موقف لا يتغير ولا يتبدل بالنسبة لأتباع السلف، بل موقف ثابت وهو اتباع النصوص في جميع الصفات خبرية أو غيرها. "اتبعوا ولا تبتدعوا وقد كفيتم"٣. وبالله التوفيق.

والحديث بجميع رواياته يدل على أن الله سوف يخلق في الجنة والنار تمييزاً وقدرة على الكلام دون أن يكون لهما آلات التكلم المعتادة، وقد تقدم هذا المبحث في صفة الكلام.


(قط) فيها ثلاث لغات: سكون الطاء، وكسر الطاء بتنوين، وكسرها بلا تنوين، وقد ترد (قد) بالدال بدل الطاء ومعناها: حسبي حسبي، وكفاني وامتلأت. شرح مسلم ١٧/١٦٢.
٢ النووي شرح مسلم ١٧/٨٢-٨٤.
٣ عبد الله بن مسعود، وتقدم.

<<  <   >  >>