للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يحيطون بعلمه١.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: في الإدراك أقوال للعلماء من السلف:

أحدها: لا تدركه الأبصار في الدنيا وإن كانت تراه في الآخرة، ويكون الإدراك بمعنى الرؤية عند هؤلاء.

وثانيها: الإدراك أخص من الرؤية، ولا يلزم من نفي الأخص انتفاء الأعم، ومعنى الإدراك معرفة الحقيقة عند هؤلاء.

وثالثها: أن الإدراك أخص من الرؤية لأن الإدراك بمعنى الإحاطة، ولا يلزم من عدم الإحاطة عدم الرؤية٢ اهـ.

قال الإمام ابن جرير الطبري عند تأويل هذه الآية: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} :

قال بعضهم: معناه لا تحيط به الأبصار، وهو يحيط بها سبحانه، وقال آخرون: لا تدركه أبصار الخلائق في الدنيا، وأما في الآخرة فإنها تدركه، وقال أهل هذه المقالة، الإدراك في هذا الموضع الرؤية٣ اهـ.

والراجح هو القول الذي تشهد له الأحاديث التي سيأتي ذكرها إن شاء الله لأنها تعتبر تفسيراً للآية كما هو معروف عند أهل العلم من السلف، وهو إثبات الرؤية في الآخرة دون الدنيا، وإن الإدراك المنفي أمر زائد على مجرد الرؤية، وهو الإحاطة، والله أعلم.


١ استقينا هذه المعلومات من بعض كتب ابن القيم، ومن فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر، راجع فتح الباري: كتاب التوحيد ص: ١٩٥، وما بعدها وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص: ١٨٤-١٨٥.
٢ الحافظ ابن كثير ٢/١٦١ ط مكتبة التراث الإسلامي حلب.
٣ الطبري ١٢/١٣، تحقيق محمود محمد شاكر وتخريجه.

<<  <   >  >>