للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهر الدابة ثقل، ولا لمشيه على الأرض وقع، وإنه ليرى وهو مدبرٌ ما لا يرى الفارس منا وهو مقبل. وهو يرى الفارس منا صيداً ويعد نفسه فهدا، ويعده ظبياً ويعد نفسه كلبا. والله لو رمى به في قعر بئر مكتوفاً لما أعجزته الحيلة؟ ولولا أن أعمار عامتهم تقصر دون الجبل - يعني جبل حلوان - ثم هموا بنا، لألقوا لنا شغلاً طويلاً.

وأنشد رجلٌ من أصحابه:

هب الدنيا تساق إليك عفواً ... أليس مصير ذاك إلى زوال

قال: أما التركي فلأن ينال الكفاف غصباً أحب إليه من أن ينال الملك عفواً. ولم يتهن تركيٌّ بطعامٍ إلا أن يكون صيداً او مغنما، ولا يعز على ظهر دابته طالباً كان أو مطلوبا.

وقال ثمامة بن أشرس، وكان مثل محمد بن الجهم في كثرة ذكره للترك. قال ثمامة: التركي لا يخاف إلا مخوفا ولا يطمع في غبر مطمع، ولا يكفُّه عن الطلب إلا اليأس صرفا، ولا يدع القليل حتى يصيب أكثر منه، وإن قدر أن يجمعهما لم يفرط في واحدٍ منهما. والباب الذي لا يحسنه لا يحسن منه شيئاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>