للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والباب الذي يحسنه قد أحكمه بأسره وأمره وخفيه عنده كظاهره، ولا يتشاغل بشيء، ولا على نفسه من شيء. ولولا أن يجم نفسه بالنوم لما نام، على أن نومه مشوبٌ باليقظة، ويقظته سليمة من الوسنة، ولو كان في شقهم أنبياء، وفي أرضهم حكماء، وكانت هذه الخواطر قد مرت على قلوبهم، وقرعت أسماعهم، لأنسوك أدب البصريين، وحكمة اليونانيين، وصنعة أهل الصين.

وقال ثمامة: عرض لنا في طريق خراسان تركيٌّ ومعنا قائد يصول بنفسه ورجاله، وبيننا وبين التركي وادٍ، فسأله أن يبارزه فارسٌ من القوم، فأخرج له رجلاً لم أرقط أكمل منه، ولا أحسن تماماً وقواماً منه، فاحتال حتى عبر إليهم الفارس، فتجاولا ساعةً، ولا نظن إلا أن صاحبنا يفي بأضعافه، وهو في ذلك يتباعد عنا. فبينما هما في ذلك إذ ولى عنه التركي كالهارب منه، وفعل ذلك في موضعٍ ظننا أن صاحبنا قد ظهر عليه، وأتبعه الفارس لا نشك إلا أنه سيأتينا برأسه، أو يأتينا به مجنوباً إلى فرسه، فلم نشعر إلا وصاحبنا قد أفلت عن فرسه وغاب عنه، فنزل التركي إليه فأخذ سلبه وقتله، ثم عارض فرسه فجنبه إليه معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>